زرقاء بنى نمير التى تعرف بـ«زرقاء اليمامة»، نسبة إلى أرض اليمامة التى نشأت عليها وعاشت فيها، وزرقة عينيها هى التى منحتها اسم «الزرقاء»، اشتهرت بقوة وحدة البصر حتى إنها كانت ترى الشعرة البيضاء فى اللبن، وتنظر الراكب على مسيرة ثلاثة أيام، وكانت عزيزة فى قومها حيث كانت تستطلع الخلاء المحيط بأرض اليمامة وتنذر قومها بقدوم أى عدو يهدد «اليمامة»، فيستعدون له مبكراً، حيث يفشل الهجوم ويرتد العدو خائباً مدحوراً.. إلا أن الحرب خدعة كما نعرف، فعندما قرر الملك «حسان» غزو اليمامة لجأ إلى الحيلة وأمر فرسانه بقطع أفرع الأشجار والتخفى خلفها أثناء التحرك وأصبح الفارس يتقدم خلف شجرة تمشى.
وعندما أطلقت «الزرقاء» بصرها تستطلع الخلاء المحيط باليمامة رأت عجباً وملكتها الدهشة، سألها سادة قومها: ماذا ترين يا زرقاء؟ قالت: إنى أرى شجراً يمشى..!!
فاستخفوا بقولها وسخروا منها وأمروها بإعادة النظر فأعادت النظر وقالت فى حسم وإصرار: كما أراكم بجانبى أرى الشجر من بعيد يمشى.. فنظروا وبالطبع وجدوا الخلاء خالياً من الشجر والبشر، وذلك لأن نظرهم محدود وقصير، فقالوا لها: خدعتك عيناك يا زرقاء وضعف بصرك.. وانصرفوا لشؤونهم.. ومع أول ضوء هجم الملك حسان على «اليمامة» فلم يجد من يقاومه.. وهكذا ضاعت اليمامة وفُقئت عينا الزرقاء بأمر الملك حسان.
الآن.. الخطر قائم والعدو موجود.. لكن هناك من يغمض عينيه عمداً حتى لا يرى.. جماعة الإخوان تمارس العربدة والإرهاب العلنى وترتكب أفعالاً وجرائم يومية يعاقب عليها القانون دون أن تجد من يتصدى لها بإعمال القانون وتطبيقه، صحيح أن بعض هذه الأفعال تتسم بالسفالة والانحطاط وفساد التفكير، ومنها تعطيل السيارات عمداً فى أماكن محددة وحسب خريطة مدروسة بعناية وفى توقيت واحد، الأمر الذى يُحدث أبشع حالة تكدس وتوقف لحركة السير خلال دقائق معدودة، والجماعة هنا تحقق أهدافها الشريرة، أولاً تثبت أنها موجودة وقادرة على الفعل، وثانياً تصنع مشكلة كبيرة يمتد أثرها على الناس الذين ضاقت صدورهم وتبخر الصبر من داخلها، ويؤمن هؤلاء بأن الثورة ومَنْ بيدهم الأمر الآن لا حول لهم ولا قوة وهم فى حالة عجز والفشل يلاحقهم.
ثالثاً تعاقب الغالبية التى قامت بالثورة وتؤمن بها وتساندها بعد عام الذل والهوان والانكسار والضياع الذى حكمت فيه الجماعة. يعطل الإخوانى أو الإخوانية سيارته فى عنق زجاجة ويجلس فى داخلها أو يقف بجوارها متبلداً ومتنطعاً وفى داخله سعادة بأنه صانع هذا العذاب للناس.. ولا أحد يقدر على فعل أى شىء.. ولأن خفة الظل تلازم المصريين فإن البعض يسأل: انت عطلان ولّا إخوان..؟!
قبل ذلك شرعوا فى احتلال مقاعد قطارات المترو وشغلها طوال اليوم رغم أنهم يعلمون أن الضرر الحقيقى والمباشر يقع على رأس المواطن المصرى مباشرة.. وهم يزرعون القنابل فى خطوط السكك الحديدية والأماكن الحيوية، الأمر الذى يؤكد أن الجماعة عادت إلى سيرتها الأولى وطبيعتها التى لا تتغير، وهى تنشر خلاياها الناشطة التى نشأت على مبدأ «السمع والطاعة» داخل المدارس والجامعات لصنع حالة من البلبلة وعدم الاستقرار وتعطيل الدراسة، وبالإضافة إلى حملة «عطل عربيتك» هناك حملة «اشترى مائة رغيف»، حيث تنزل الأسرة الإخوانية بكاملها لشراء الخبز، حيث تحدث أزمة فى الحصول على رغيف الخبز، وهذا الأمر من شأنه أن يُحدث كارثة فوق رأس أى حكومة.. ولأن الفرد الإخوانى يتربى على السمع والطاعة فإنه لا يعقل ولا يفكر ولا يتدبر، وكان أحد القادة فى الجماعة يقول لأفراد المجموعة التى يشرف عليها قبل أن يدخلوا عليه: اخلعوا عقولكم مع أحذيتكم واتركوها على الباب..!!
والضرورة تقتضى أن أحكى عن جماعة الحشاشين وزعيمها «حسن الصباح» أول من فرض السمع والطاعة على جماعته، ومنه نقل «حسن البنا» الفكرة والمبدأ وطريقة التطبيق.. هذا الحسن الصباح تمكن من أفراد جماعته تماماً، أرسل إليه السلطان السلجوقى وفداً يفاوضه ويعرض مطالبه فأراد أن يرسل رسالة إلى السلطان، ورسالة غير مكتوبة.. نادى على أحد الحراس وسأله: هل معك خنجر..؟ قال الحارس نعم.. قال: اقتل نفسك به..؟ وفى لحظة نفذ الحارس الأمر وبكل ما لديه من قوة غرس الخنجر فى عنقه، ولم يكتف بذلك بل استدعى حارساً آخر وأمره بأن يلقى بنفسه من أعلى الجبل فاندفع الحارس ونفذ الأمر.. بعد هذا نظر «حسن الصباح» إلى أفراد الوفد قائلاً: لدىَّ عشرون ألفاً من هؤلاء الرجال.. فهل أنتم قادرون على مواجهتى؟!.. وعليه فإنى أقتبس قول زرقاء اليمامة «إنى أرى شجرا يمشى».. فإرهاب جماعة الإخوان قائم ومستمر والاستهانة به خيانة وعدم التصدى له مؤامرة، وأنا شخصياً على قناعة كاملة وثابتة بأن كل من نشأ وتربى فى حِجْر الجماعة فإنه منها وخاضع لها حتى دخوله القبر.. وزيادة على ذلك لا أثق إطلاقاً فى النفر القليل الذين زعموا أنهم انفصلوا عن الجماعة لأن الانفصال ليس سهلاً على الطرفين بل هو عملية صعبة جداً ونادرة مثلها مثل أن يتحول رجل إلى امرأة أو تتحول امرأة إلى رجل.. الانفصال الحقيقى له عواقب وخيمة، والباحث فى تاريخ الجماعة الأسود يجد أن هناك عدة أفراد انشقوا عن الجماعة فى عهد حسن البنا وقرروا السفر إلى فلسطين للقتال ضد العدو الصهيونى عندما وجدوا تخاذلاً من المرشد فى هذا الشأن.. هؤلاء قُتلوا جميعاً عند وصولهم إلى مدينة العريش، وقالوا إن المهندس أبوالعلا ماضى ترك الجماعة، والآن رأينا أنه مع الجماعة قلباً وقالباً، ونفس الشىء مع الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والدكتور محمد حبيب وغيرهم.. الجماعة مزروعة فى داخلهم وهم مزروعون فى داخلها سواء كان بُعدهم عنها حقيقة أو خدعة، لذلك كله أنا لا أندهش من رؤية بعض الشباب المندفع فى عصبية ويتجمع كأنه سرب من الغربان يطلق شتائمه القبيحة والبذيئة، رأيت على شاشة التليفزيون ما حدث بالشيخ الجليل مفتى الديار السابق، وهؤلاء السفلة المارقين وهم يقذفون الرجل بأحط الشتائم والرجل رابض فى جسارة وثبات، ومع أن ما حدث هو سب وقذف ثابت ومسجل بالصوت والصورة إلا أن القانون سقط تحت الأقدام، ونفس الشىء حدث أمام جامعة الأزهر، حيث دقت طبول الانحطاط والتردى وارتفعت أصوات السباب وأقبح الشتائم كى تنال من العالم الجليل ذى المكانة المرموقة فى العالم الإسلامى كله..
والقصد هنا واضح وجلى، وهو إهانة علماء الإسلام ورموزه الحقيقيين والفعليين والحط من شأنهم فى أعين الناس.. بينما سفهاء بلا علم أو تقوى، وأغلبهم لا يفكر برأسه وإنما يفكر بما بين ساقيه، يلقون من الجماعة كل الاحترام والتوقير.. وغير ذلك كثير.. ومع هذا كله أرى شجراً يمشى.. فريق لا يستهان به نصفه متخاذل ونصفه متآمر وكلاهما يدعو إلى المصالحة مع الجماعة.. وأنا فى أشد حالات الدهشة والعجب.. على أى شىء نتصالح مع الجماعة؟!..
لقد حكمت البلاد لمدة عام فأفسدت كل شىء، وأتلفت جميع مؤسسات الدولة، ومارست الفاشية فى أعلى درجاتها، وخططت للتنازل عن مساحات من أرض الوطن، وزرعت الإرهاب من جديد، وكونت جيشاً من المحكوم عليهم والهاربين والمطاردين ليكون عوناً وسنداً لها ضد الشعب.. ودمرت الاقتصاد وعملت على إقصاء كل من يختلف معها فى الرأى.. وتمكن الحمقى والمغفلون من المناصب المهمة والحيوية.. وكان لابد من الخلاص من هذه الجماعة بأى طريقة، وكانت الطريقة الوحيدة هى الثورة.. ثورة حقيقية وفعلية ولا شىء غيرها يمكن أن يؤثر على الوضع القائم.. حتى الانقلاب العسكرى كان سيفشل لأنه بلا إرادة شعبية تحميه وتباركه وتدعمه.. والانقلاب العسكرى ممكن جداً الإطاحة به بواسطة انقلاب مضاد، أما الثورة الفعلية والحقيقية وذات الغالبية العظمى من الشعب فلا يمكن قهرها.. وهذا ما حدث.. زعمت الجماعة أنه انقلاب فى إنكار فجّ محاط بالوقاحة لجموع الناس الذين خرجوا أفواجاً أفواجاً فى تلاحم بشرى حاشد لم تشهد مثله أى دولة فى بلاد العالم.. بعد هذا كله يطل علينا من يقول «نتصالح».. وعجبى..!!
والغريب أن الجماعة، والذين يتحدثون باسمها أو يتوسطون، يخبروننا بأن لها مطالب وشروطاً.. وتعالوا بنا نتأمل مصالحة السادات رحمه الله مع الجماعة، والتى أعلن ندمه عليها فى خطاب جماهيرى، لأنه الذى أفرج عن الإخوان وأطلق سراحهم بناء على اتفاق مع الجماعة أطلق عليه «اتفاق المبادئ الستة»، وكانت هذه المبادئ عبارة عن ثلاثة تلتزم بها الدولة وثلاثة تلتزم بها الجماعة.. أما الثلاثة التى تلتزم بها الدولة فهى:
1- الإفراج عن الإخوان وإسقاط القضايا.
2- عودتهم إلى أعمالهم.
3- عدم التعرض لهم فى نشر الدعوة والسماح لهم بالخطابة على المنابر ونشر الدعوة بالكلمة.
وكما هو واضح فإن هذه المبادئ الثلاثة تحمل كل الخير للجماعة، وتسمح لها بالتوسع والتأكيد على القوة وتدريب الخلايا وتأسيس المنشآت التجارية والتعليمية والصحية.. أما الثلاثة التى يلتزم بها الإخوان فهى.
1- نبذ العنف.
2- عدم محاربة الحكومة.
3- عدم رفع السلاح فى وجه الدولة.
وهكذا ندرك أن الجماعة قد اعترفت بممارسة العنف ومحاربة الحكومة ورفع السلاح فى وجه الدولة.. وكانت النتيجة أن التزمت الدولة التى قدمت للجماعة كل شىء دون أن تأخذ أى شىء لأن الجماعة لم تلتزم بأى شىء، ولم تهمل تنفيذ جميع مخططاتها الشريرة، والتى انتهت باغتيال السادات شخصياً بواسطة جماعة إرهابية انبثقت من داخل جماعة الإخوان.. وكأن التاريخ يعيد نفسه، المطالب الحالية هى: الإفراج عن المعتقلين من الإخوان.. عودتهم إلى أعمالهم.. عدم التعرض لهم.. ثم يتوقف العنف ونشر الفوضى.
غاب عن الجماعة والذين يناصرونها ويتحدثون نيابة عنها أن الأيام تبدلت والأحوال اختلفت، والذى كان من الممكن أن يحدث فى عهد السادات لا يمكن أن يحدث الآن ولاسيما أن الجماعة قد كشفت عن قسوتها المفرطة وتوحشها غير الآدمى حيث ارتكبت جرائم القتل والتعذيب، والعقل البشرى السوى لا يستوعب ما حدث فى قسم شرطة كرداسة أو شرطة أسوان من تمثيل بالجثث وحرقها بماء النار، ما يؤكد انعدام الضمير الإنسانى لديهم وعدم استيعابهم مفاهيم الإسلام الصحيح، وكما هو ثابت للناس كافة تأكد أن الجماعة هى دولة لقيطة تريد ابتلاع الدولة الأم والأصل، ومن أجل ذلك كونت الميليشيات القتالية وأنشأت المؤسسات الاقتصادية وأعدت جهازها الإدارى، بدليل أنه فى خلال العام الأسود تمت أخونة أجهزة الدولة بمعدل 80٪ وربما أكثر.. والمصداقية تفرض علينا أن نقول صراحة إن للجماعة أعضاء فى الأجهزة السيادية، ولها كوادر فعالة فى جهاز الشرطة..
وربما الجيش أيضاً.. وعليه فلا يمكن لأى دولة أن تعيش فى سلام وأن تسير فى أمان وهى تحمل على ظهرها حيواناً غير أليف يغرس أظافره فى الجسد بقوة.. ولأن الإرهاب ليس هو القتل والحرق ونشر الدمار فقط.. وإنما هناك الإرهاب الفكرى والأخلاقى.. بأى ضمير وأى حق تدفع الجماعة بأطفال أبرياء فى معركة سياسية لا يعرفون عنها شيئاً.. قبل أن تزول رابعة رأينا الأطفال وهم يرفعون لافتات «مشروع شهيد»، ومع بدء الموسم الدراسى جهزوا الأطفال بلافتات جديدة تقول «لا دراسة ولا تدريس إلا بعد عودة الرئيس».. أشد أنواع القهر تمارس على الأطفال الذين مازالت عقولهم خضراء ولم يصلوا بعد إلى مرحلة الوعى والإدراك.. وما معنى أن تجتمع عدة طالبات فى مدرسة ويرفضن تحية العلم المصرى رمز الدولة، وأيضاً منع عزف النشيد الوطنى.. ومثل هذه الوقائع تستلزم العقاب القانونى الفورى.. من لا يعترف بالدولة التى يعيش على أرضها عليه أن يرحل عنها.. الذى يرفض تحية العلم داخل أى مدرسة يطرد منها وبلا عودة.. ولكن هناك خوف فى صدور من بيدهم الأمر ونحن نلتمس لهم العذر بحكم أن الوهن السياسى قد أصابهم، والخائف دائماً يرتد ويتراجع ويعتقد أن أى خطوة للأمام تحتها لغم سوف ينفجر وعليه فأنا أقتبس قول زرقاء اليمامة «إنى أرى شجراً يمشى»..!!
فإذا أتينا إلى حزب النور، وهو الحزب المدلل، ويتم المسح على ظهره كأنه قطة أليفة.. بينما الحقيقة أن النار تحت الرماد.. وقبل أن نسترسل فى أمر هذا الحزب علينا أن نوضح بعض الأمور الثابتة والمثبتة.. قبل الثورة وفى فترة حكم مبارك كان التيار السلفى بكامله فى حضن الأجهزة الأمنية المعنية، ينفذ تعليماتها بدقة، ولا يتصرف فى أى أمر دون استئذان والحصول على موافقة حتى إن الواحد منهم لو أراد الانتقال من بنها إلى طنطا لزيارة أخ أو صديق كان يطلب الإذن.. وقامت الثورة والوقائع تشهد أن التيار السلفى كان ضد الثورة، وكان يدعو لطاعة الحاكم وعدم الخروج عليه.. ولكن بعد أن خرج الحاكم تغيرت الأحوال وتبدلت، واستأسد هذا التيار وتغيرت لغته وتصرفاته واحتل مكاناً على الساحة السياسية سنداً وظهيراً للإخوان وداعماً لهم فى وضوح تام.. حتى إن الحاج مرسى اختار منهم المستشارين والوزراء ومنحهم المزيد من التسهيلات.
ونظام مبارك كان يرعى التيار السلفى ليكون فى مواجهة الإخوان، وأعتقد أن القائمين على شؤون البلاد فى الوقت الحالى قد وقعوا فى الخطأ نفسه.. وعليه فقد استأسد حزب النور أكثر وأكثر واشتد عوده بعد إبعاد الجماعة وكأن الخلافة قد وصلت إليه.. والغريب والمدهش ما نراه فى العلن: رموز التيار وقادة الحزب أطراف أصابعهم فى يد الدولة، وهم ممثلون بصورة رسمية فيما هو هام.. بينما قطاع كبير من أفراد هذا التيار السلفى مع الإخوان بالروح وبالدم، وهم الذين يدعمون حشود الإخوان ويصنعون كثافة مظاهراتهم.. ولا نعرف حتى هذه اللحظة هم مع من؟.. وإن كنت أعتقد أنهم يلعبون مع الإخوان ومع خصوم الإخوان.. وأغلب الظن أنهم يخططون للخلاص من الطرفين.. أو الاستقواء بالإخوان حتى يتم بلوغ الهدف.. وعليه فإن هذا الحزب دائماً يحاول فرض إرادته، وفى غالب الأحيان يفرضها وهو دائماً يهدد ويحدث تأثيراً لصالحه.. يقول أحد قادة الحزب فى جرأة: إننا لن نترك لجنة الخمسين ولكننا قد ندعو إلى رفض الدستور..!!
رفض الدستور الذى مازال جنيناً يتكون.. وأنا أفهم أن يدعو هذا السيد إلى رفض الدستور هو أو غيره عندما يكون الدستور جاهزاً ومطروحاً للاستفتاء عليه، ومن حق أى مواطن لا يعجبه الدستور أن يفعل الشىء نفسه.. وربما أكون أنا شخصياً أحد هولاء لأن عمل لجنة الدستور لا يرضى طموح المصريين.. وغالباً سيبقى الحال كما هو عليه، لأن هذه اللجنة تعمل بمنهج مشترك يحمل أفكار الحزب الوطنى مع أفكار الجماعة، وأفكار الثوار غائبة.. كما أن شباب اللجنة الذين كنا نأمل فيهم خيراً تم احتواؤهم وإخضاعهم لرغبات شيوخ اللجنة صناع التوازنات والمواءمات، ولا أريد الإطالة أكثر من ذلك فى شأن لجنة الدستور لأنى أحد أعضائها الخمسين، وأخشى أن يظن بعض صغار النفوس والجهلة أننى أحمل ضغينة ما لكونى لست عضواً أساسياً وفاعلاً. ونعود إلى حزب النور الذى يرهبنا ويهددنا فى حالة عدم تنفيذ مطالبه، وبالتالى فهو يذكرنى بأحد الصبية الذى كان يفرض نفسه فرضاً علينا ونحن الأطفال نلعب ويقول «فيها لاخفيها»، وبالتالى لا يمكن الخضوع والاستسلام لهذا الابتزاز بل ولهذا الإرهاب.. واللجنة الموقرة لن تخضع ولكنها صانعة التوازنات والمواءمات.
والمحزن حقاً وصدقاً هو موقف عضو لجنة الخمسين الذى يمثل حزب النور عندما رفض الوقوف دقيقة حداداً على روح الشهيد اللواء نبيل فراج، بزعم أن هذا ليس من الإسلام، وهذا هو التنطع فى الإسلام، وكأن هذا العضو الموقر لا يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهض واقفاً عندما مرت من أمامه جنازة يهودى.. وبنفس منطق هذا العضو إذا قبلنا به تكون لجنة الخمسين ليست من الإسلام وعليه ألا يقبل بوجوده فيها، وعليه أن يقول لنا هل الخداع والنفاق والمتاجرة بالدين هى من الإسلام أم لا؟.. وأيضاً إجراء عمليات التجميل والاختلاء بالنساء داخل السيارات على الطرق الزراعية والغش فى التجارة ونهب التبرعات وغير ذلك كثير؟
استقيموا يرحمكم الله وارحمونا معكم.. وفى النهاية الشعب المصرى لن يقبل أن يعود إلى الخلف سواء فى الدين أو السياسة أو الثقافة رغم ما يحدث الآن من بعض الساسة الذين يؤمنون بسياسة «خذ قطعة وأعطنى قطعة حتى تسير الأمور»، وهم أول من يعلم أن هذه السياسة هى التى أغرقت الوطن فى الوحل.. إن الثورات تصنع الشعوب من جديد.. والذين أصابهم الوهن لا يمكن أن يكونوا مع الثورات وليس لديهم القدرة على عزف ألحانها أو حتى الاستماع إليها.. وعليه فإن هذه الأيام هى التى سوف تحدد إما أن نكون أو لا نكون.. وعليه فإنى أكرر قول زرقاء اليمامة «إنى أرى شجراً يمشى»..!
0 التعليقات:
إرسال تعليق