.
الموقع هدفه الارتقاء بالفكر الرافى الحر والتواصل مع الانسان المصرى فى كل مكان ، ومع ذلك فالموقع غير مسئول تماماً من الناحية الأدبية والقانونية عما يُكتب فيه سواء من المحررين أو من أى مصادر أخرى

الثلاثاء، يناير 29، 2013

ابراهيم عيسي .....محمد مرسي ليس هو القائد

إبراهيم عيسى يكتب: من جماعة المولَّعين بجاز إلى المولَّعين فى البلد!
إبراهيم عيسى
محمد مرسى ليس هو القائد الذى سيأخذ مصر إلى الأمام.
إنه بكل سياسته وعصبيته وتعصبه لجماعته وأخطائه الكارثية وانعدام خبرته السياسية وفقر خياله وغياب قدراته الزعامية تماما وبأجواء المحيطين به من أنصاف المواهب وأرباع السياسيين وخدامى الدولة سيحفر قبرا لأحلامنا فى مصر العصرية.
الجانب الأكثر بروزًا فى أنه لا أمل فى مرسى إطلاقا (سامحنى على وضوحى وحسمى!) أنه يرى الواقع بنفس الطريقة العمياء التى يراه بها الحكام المستبدون وأصحاب السلطة المطلقة.
الأدلة كثيرة جدا، (مرهِقة لى ولك)، التى تثبت عَمَى الرؤية عند الرئاسة، لكن دعنا نتحدث عن أقرب الظواهر، ظاهرة عنف الشارع فى الأيام الماضية.
إذا لم يكن محمد مرسى يدرك أن هذا العنف هو حصاد عمله وسياسته فى انتهاك القانون وضرب القضاء والاعتداء على استقلاله واستخدام واستغلال عنف جماعة الإخوان والتيار السلفى وتهديدات الجماعات الحمقاء بإشعال البلد وتفجير ثورة واغتيال خصوم، فهذا يؤكد -كما هو واضح- أنه لا أمل فى مرسى.
ثم كذلك النظرة إلى أن هؤلاء الذين يقطعون الطرق ويهاجمون مبانى المحافظات ويشعلون إطار السيارات ويمنعون الحركة فوق الكبارى مجرد فتيان وفئات مأجورة، هى نظرة عمياء (تحدق فى الشىء لكن لا تراه)، فضلا عن أنها قاصرة وخاطئة، فهذه المشاهد تعود بى إلى ما كتبته فى رواية «مقتل الرجل الكبير» (سنة 1999 وقد تمت مصادرتها وقتها) عن هؤلاء المولعين بجاز، شكلها حَ تقلب كده باستمرار الوضع السياسى والاقتصادى المريع، أجور متدنية ورواتب منهارة وأسعار ملتهبة وزيادة فى البطالة وإغلاق مصانع وإفلاس شركات ومستقبل مهدَّد وحكومة طارشة ووزارة فظّة ومسؤولون متغطرسون وسياسات قاسية بلا رحمة، حيث -فى الرواية- الرئيس يتكلم بصوت غاضب حانق ثائر كأنها نوبة صرع سياسى. قائلاً: «من يومين كده سمعت إن فيه ناس مش عاجبها حال البلد، طبعًا أنا عارف إن فيه ناس ناكرة للجميل والشعب زى أى حاجة فى الدنيا، فيه النظيف وفيه الوسخ، لكن باقول من هنا لشعبى وبكل تاريخ الصراحة اللى بينّا: اللى مش عاجبه البلد يا جماعة يولّع بجاز.. إحنا ماعندناش أحسن من كده.. أكتر من كده إيه؟ لذلك باقول بوضوح وصراحة: اللى مش عاجبه يولّع بجاز. من ثَمّ لم يعلق أحد، ولكن بعد يومين بالضبط جرى حادث غريب أمام مبنى البرلمان، حيث كان المارة يمشون فى طرقهم المسموح بها أمام البرلمان وسيارات الأمن فى مواقعها وحرس الوزارات فى أبراجهم والشارع الرئيسى المطل على البرلمان فى حركته اليومية الصاخبة، حين تقدم شاب فى العشرين تقريبًا من عمره، يرتدى قميصًا أبيض وبنطلونًا أبيض وأخرج من حقيبة سوداء يحملها عبوة جاز كبيرة، دلقها على نفسه بسرعة فأغرق جسده تمامًا ثم فى لحظةٍ خطَف وأشعل عود ثقاب وولّع فى نفسه.
شبّ حريق مريع فى جسد الشاب الذى أخذ يلتفّ حول نفسه، ويدور ويلف ويحرك ذراعيه المشتعلتين بالنار فى الهواء، أثار المشهد الرعب فى القلوب.
لكن لم يلتفت المسؤولون إلى الحدث إلا عندما أذاعت إحدى الإذاعات الأجنبية أن خطابًا وصلها عن طريق الإنترنت يؤكد أن حادث إشعال الشاب النار فى نفسه أمام البرلمان فى بلادنا، كان ردًّا على الخطبة التى قيل فيها: اللى مش عاجبه يولّع بجاز، ولأننا لا يعجبنا ما يجرى فقد قررنا أن نشهِّد العالم على أننا نولع بجاز حسب نصيحتكم».
وتمضى الرواية فى شرح الجرح «شاب فى الثلاثين من عمره، تقدم نحو باب مبنى التليفزيون الشاهق وأخرج من تحت قميصه كيسًا كبيرًا من البلاستيك مليئًا بالجاز، أغرق به نفسه متعجلاً وبأصابع مرتعشة، وبينما يفيق الناس للحدث إذا به يشعل النار فى نفسه، فتهبّ لهبًا حارقًا خانقًا، وسط صراخ وعويل وفوضى وصافرات إنذار المبنى وحركة الدبابات الزائفة ولهث أحذية العسكر نحو المكان، كان الشاب يرقص وهو يشتعل ويقفز على الأرض ويلوِّح بذراعيه ويتحرك يمينًا ويسارًا ويلف حول نفسه ويقترب من العساكر حتى يدنو، ويبعد حتى يكاد يلتصق بالناس.. وكلما حاصر وزير الداخلية مكانًا رسميًّا أتاه الحريق فى مكان آخر.. أغلق المناطق المحيطة بالبرلمان والتليفزيون ومجلس الوزراء والوزارات الرئيسية، فجاءه الحريق مشتعلاً فى جسد شاب من المولعين بجاز أمام استاد كرة قدم فى أثناء خروج جمهور مباراة مهمة ومزدحمة أو أمام دار عرض سينمائية، تشهد افتتاح مهرجان سينمائى. جماعة المولعين بجاز التى لا يعرف أحد عنها شيئًا، بدأت فى تحديها للحكومة بأن تخبر وكالات الأنباء بمكان وموعد الحريق القادم الذى سوف يشعل فيه أحد أعضاء الجماعة نفسه بالنار، احتجاجًا على الخطبة التى تطالب المعارضين بأن يولعوا فى أنفسهم بالجاز».
هذا بعض ما جرى فى الرواية..
الآن فى واقع ما بعد الرواية تظهر جماعة المولعين فى البلد، وهى الناقمة الغاضبة الحانقة على سرقة الثورة وعلى سرقة الحلم وعلى سرقة الدولة، وهى الجماعة المحبطة من مرار الاقتصاد والفقر!
هى جماعة قرفت من الإخوان المتغطرسين ومن السلفيين المكفِّرين ومن جبهة الإنقاذ المرتبكين ومن حكومة العاجزين ومن قضاء المتفرجين ومن شرطة المنتهكين ومن محليات الفاسدين ومن إعلام المنافقين، فقررت أن تولّع هذه المرة ليس فى نفسها بل فى البلد، حتى يصل صوتها الساخط على قرع طبول الفوضى وألسنة نار العنف.
هم نجحوا فى توصيل الفوضى على ما يبدو، لكن لم ينجحوا فى توصيل صوتهم إلى الرئيس وأعوانه!


0 التعليقات:

إرسال تعليق