الأربعاء 26 ديسمبر 2012 - 3:45 م مصطفى راشد رأي ورؤى
مصطفى راشد أتمنى التعرف على العبقرى الذى وَضع المادة 219 بالدستور المصرى ، كما أتمنى التعرف على جنسيته ، لقمة الإعجاز الذى أحدثه وسيحدثه بهذا الوطن الآمن المستقر ( سابقا) فقد وضع المادة 219 التى تقول ( ، أن مبادىء الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلیة وقواعدها الأصولیة والفقهیة ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة )
فقد وضعها كى تشرح معنى كلمة مبادىء الواردة فى المادة الثانية من الدستور، والتى تقول (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ) ورغم أن الدين يحمله ويعتقد به الإنسان ، والدولة لا تعقل كى يكون لها دين ، إلا أن المشكلة ليست هنا ، فالمشكلة ظهرت عندما أتى العبقرى واضع المادة 219 بتعريف مبادىء الشريعة ، حيث أن المبادىء التى نعرفها للشريعة هى أن كلمة مبادىء تنصرف إلى المبادىء العامة للشريعة الإسلامية والموجودة بكل الشرائع السماوية مثـل؛
وحريتة ومبدأ: - السلام ورفض العنف ومبدأ :- كرامة الإنسان مـبـدأ: العدالة،
ومبدأ: لا ضرر ولا ضرار،
ومبدأ: حفظ النفس والمال،
. ومبدأ: عدم الإكراه في الدين لكن أن يأتى هذا العبقرى بهذا التعريف بهذا الشكل الوارد فى المادة 219 ويجعلها نص مُلزم ،فهذا أمر فى غاية الخطورة على مستقبل هذا الوطن ، لأن الشريعة الإسلامية أقل من 10% منها فقط يقوم على أدلة قطعية الثبوت ، أما حولى 90% من الشريعة يعود لرؤى وأراء وإجتهادات وتفسيرات فقهاء ومشايخ بشر مثلنا ، ماتوا منذ أكثر من 1000 عام ،
وقد تأثروا فى رؤيتهم وتفسيراتهم وكذا إجتهادهم بظروف زمنهم الفقير الذى لم يعرف أو يرى التكنولجيا الحديثة ولا الإنترنت ولا الطيران ولا المصارف الدولية والبنك الدولى وقرارات وقوانين الأمم المتحدة والإتفاقات الدولية إلى أخره ، لذا رأيناهم يتحدثون عن العبيد والسبايا ، ونظام المقايضة والبغال والحمير والبعير، وإستخدام العقاب البدنى بدلا من العقاب القانونى ،
لعدم وجود سجون لديهم ، وعدم قتل المسلم بغير المسلم ، أى يستطيع المسلم قتل غير المسلم ولا يعاقب ، ونظام المبايعة المختلف عن النظام الإنتخابى القائم على مشاركة الجميع بصوته ورأيه ، كما رأيناهم يتحدثون عن التداوى ببول البعير لعدم وجود تكنولجيا لتصنيع الأدوية الحديثة ، ورأيناهم يجعلون مدة الحمل أربعة أعوام ، لعدم وجود أجهزة الأكسراى الأشعة والسونار .
ومع كل ذلك فالأمر له حلول ، ولهم إجتهاد ولنا إجتهاد ، لكن مافعله العبقرى واضع المادة 219 هو أنه قد جمع كل الأراء والمذاهب المتناقضة لتكون مرجع للمشرع والقاضى ولمؤسسات الدولة ولأن القواعد الأصولية والفقهية ، ومذاهب أهل السنة والجماعة ، متضاربة ومختلفة فيما بينها ،وهى بالألاف ، فبأى منهم سيلتزم المشرع ، أو القاضى ، أو المسؤل بأى مؤسسة، أو وزير . فهل الدستور يوضع لتشتيت الناس وتضارب المؤسسات ، فيكون سببا فى تفتيت وهدم الدولة ،
والقضاء على دولة القانون ، والعودة لدولة القبيلة ويتحزب كل فريق لحزبه ومذهبه ، ثم ماذا يفعل القاضى لو كان ينتمى للمذهب الحنبلى مثلا ، و الخصوم أحدهما للمذهب المالكى ، والأخر للمذهب الشافعى ،
والثالث للمذهب الحنفى ، فبأى مذهب سيلتزم القاضى ، أم يتخيل العبقرى واضع المادة 219 أن كل البشر ينتمون لمذهب واحد ، فلو كان الأمر كذلك ماكنا رأينا الإختلافات وتعدد الجماعات والفرق والأحزاب الإسلامية ، وكلاً منهم يكفر الآخر ، فهذا إخوانى وهذا سلفى وهذا جهادى إلى أخره ، كما أن الشيعى المصرى غير مُلزَم بمذاهب أهل السنة جميعاً ، فهل أصبح المواطن المصرى الشيعى فوق الدستور أم نُزعت عنه الجنسية ، فهل العبقرى واضع هذه المادة يستطيع أن يحدد لنا أى مذهب سيتبع،
وهل هو مدرك لما فعل بهذا الوطن المكلوم الجريح ، الذى تلتف حول جثته طيور الظلام تنهشه بلا رحمة ، فلو كان يدرك فتلك مصيبة ولو كان لا يدرك فالمصيبة أشد ، والقادم اسوأ من الفوضى والتفتيت لهذا الوطن ، وتحوله إلى صومال جديدة ، لذا نقول لهذا العبقرى حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فيك .
.
الشيخ د مصطفى راشد أستاذ الشريعة الإسلامية
رئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان وعضو
إتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى ونقابة المحامين المصرية والدولية
والمنظمة العربية لحقوق الإنسان
0 التعليقات:
إرسال تعليق