.
الموقع هدفه الارتقاء بالفكر الرافى الحر والتواصل مع الانسان المصرى فى كل مكان ، ومع ذلك فالموقع غير مسئول تماماً من الناحية الأدبية والقانونية عما يُكتب فيه سواء من المحررين أو من أى مصادر أخرى

الجمعة، نوفمبر 16، 2012

مجدى خليل يكتب"صكوك الغفران الأخوانية"



لم يحتاج أمراء المؤمنين فى دولة الخلافة إلى بيع صكوك الغفران كما حدث فى أوروبا بعد ذلك، فقد كان لديهم من الفئ والغنائم والجزية ما يكفى لكى يعيشون على طريقة الف ليلة وليلة فهارون الرشيد مثلا كان يمتلك الفى جارية والخليفة المتوكل أربعة آلاف جارية ووطئهم جميعا كما قال بن كثير!!، ونصح الخليفة عبد الملك بن مروان الرعية بقوله إذا اردت جارية للتلذذ فعلك ببربرية وإذا اردتها للولد فعليك بالفارسية وإذا اردتها للخدمة فعليك بالرومية، واضح عمق الخبرة لدى أمير المؤمنين فقد اكتشف جاذبية المغربيات منذ قرونا طويلة!!.. ولكن سيادة الرئيس مرسى فاجئ الجميع فى خطابه بجامعة اسيوط وعرض نوع محدد من صكوك الغفران يطهر من الفساد،وأوضح سيادته أن هذا النوع من صكوك الغفران موجه إلى الفاسدين الذين يريدون أن يتوبوا إلى الله،وأن الله غفور رحيم وسوف يغفر لهم إذا وضعوا هذه الاموال الفاسدة فى الحساب رقم 333-333 فى البنك المركزى لتمويل مشروع النهضة، ولكن سيادته استطرد قائلا بأن هذه التوبة وهذه الأموال لن تعفى من العقاب الدنيوى،أى أنها فقط صكوك غفران للجنة وليست للأرض!!. وعند سؤال البنك المركزى عن هذا الحساب قال مسئول به أنهم ليس لديهم علم بهذا الحساب ولا إلى أين سيوجه؟ ورد مسئول من رئاسة الجمهورية كما قرأت فى أحدى الصحف بأن هذا الحساب السرى سيكون خاص برئاسة الجمهورية ولن يطلع عليه البنك المركزى!!!.
إذا احسنا النية فى تحليل هذا الخبر العجيب والغريب فأننا نبشر سيادة الرئيس بأنه لن يتبرع له فرد واحد فى هذا الحساب لكى يفضح نفسه ويعلن عن لصوصيته وفى نفس الوقت لن يحصل إلا على صك وهمى من سيادة الرئيس يطهره من خطيئة الفساد يوم القيامة. ولكن إذا استخدمنا العقل بعض الشئ فأننا نقول بأن هذا العرض هو للتصالح مع الفاسدين مقابل إعفاءهم من المطاردة القانونية،وإن صفقات هذا التصالح لن تتم أمام النائب العام ولكنها ستكون حكرا على الاخوان،وأن الاموال الطائلة التى تتوقع أن تأتى من هذا التصالح ستصب فى الاستثمارات الأخوانية الكبيرة الموجودة حاليا، بهذا يكون للخبر معنى منطقى ومقبول، واظن أن رجال الأعمال المتورطين فى قضايا فساد فهموا الرسالة جيدا وهم لا يحتاجون إلى صكوك غفران أخوانية للأخرة ولكن هم يحتاجونها للدنيا، فمن حسن الحظ أن الله لا يطالب التائب إلا بالتوبة النصوح وأنه وحده الذى يغفر الخطايا جميعا وليس قضايا الفساد فقط، وأن الله أقرب للإنسان من أى شئ آخر ولا يحتاج لوساطة بينه وبين الإنسان بل عند الله باب التوبة مفتوح دائما والله يفرح بتوبة عباده التائبين بدون وساطة أخوانية أو سلفية.
ولكن مشروع الرئيس مرسى أعاد إلى الاذهان مشروع تسديد ديون مصر الذى طرح من قبل نظام مبارك فى ثمانينيات القرن الماضى والذى لا نعرف شيئا عن حصيلته حتى الآن ولا إلى أين ذهبت، ويعيد الأذهان إلى مشروع الشيخ محمد حسان حول الاستغناء عن المعونة الأمريكية بالتبرع لتعويضها من موارد أهل الخير المحلية، ولكن بعد شهور طويلة من هذا المشروع وهذا النداء الحسانى لا نعرف أيضا إلى أين ذهبت هذه الأموال. الفرق الوحيد بين أيام حسنى مبارك وأيام مرسى وحسان هى فقط لغة المخاطبة والمناشدة، ففى حين كانت الدوافع تظهر وطنية فى عهد مبارك فأن لغة الخطابة مفعمة بالمصطلحات والرموز الدينية فى عهد الرئيس مرسى، بل ويؤسفنى القول أن طريقة مبارك كانت أكثر ذكاء مما طرح حاليا..... ولكن يبقى الإنسان المصرى هو الضحية فى الحالتين.
لقد كتبت من قبل أن الرئيس مرسى غير معنى بمسألة التنمية والدخل والحاجات الملحة للبشر، فهو معنى بشئ أسمى وهو إدخال المصريين الجنة،وهو غير معنى بقرب ضياع سيناء وسقوطها فى ايدى الإرهاب الدولى بمساندة العديد من دول المنطقة، ولا معنى بأن مصر تسير فى الاتجاه الخطأ بكل معانى الكلمة،ولا بتردى الاحوال المعيشية،ولا بأن مصر على وشك الإفلاس،ولا بأن رصيد الاحتياط النقدى قد ينفذ فى عدة شهور، ولا بتراجع تصنيف مصر لدى مؤسسات الإئتمان الدولى، ولا بهروب الاستثمارات،ولا بتفشى الجريمة،ولا بأنين الشعب الذى يتزايد يوما بعد يوم............. كل هذا يهون أمام الهدف الأسمى وهو غفران الخطايا ودخول الجنة، ولهذا فأن سيادة الرئيس يقوم بواجبه على اكمل وجه فى هذا الاتجاه كل يوم جمعة حتى أننى اتصور أن مهمة فريق الرئاسة خلال أيام الأسبوع تتركز فى تحديد المسجد الذى سيصلى فيه الرئيس ووسائل تأمين رحلته الأسبوعية الدينية الميمونة. وها هو الرئيس المؤمن يطرح النوع الأول من صكوك الغفران للفاسدين وسوف تتوالى فى المستقبل أنواع أخرى من هذه الصكوك لتغطى الخطايا الأخرى، وكل ذلك كما قلت يصب فى هدف الرئيس الأسمى.

0 التعليقات:

إرسال تعليق