رسالة هامة جدا من أبونا بطرس لشعب ناشفيل
"اَلرَّجُلُ الأَمِينُ كَثِيرُ الْبَرَكَاتِ، وَالْمُسْتَعْجِلُ إِلَى الْغِنَى لاَ يُبْرَأ"
(امثال سليمان ٢٨ : ٢٠)
الاخوة الأحباء ابناء الجالية القبطية بناشفيل
لقد حزنت كثيرا لسماع الاخبار المؤسفة الاخيرة لتورط بعض من ابناء الكنيسة الأقباط - اًما عن علم او عن جهل - فى الاشتراك فى اعمال تجعلهم تحت طائلة القانون وهذا قد ينطبق عليه قول الكتاب "هلك شعبى لعدم المعرفة" لذلك شعرت بالضرورة القصوى ان تقوم الكنيسة بدورها المعهود ان تعلم الشعب و تصحح المسار وترشد أبناءها الأحباء الى طريق الحق كما تقول الدسقوليه "امحو الذنب بالتعليم" . لقد ترددت كثيراً فى كتابة هذا الخطاب و لكننى رايت لزاماً علىّ الا يعبر هذا الحدث الاخير دون وقفة جادة لنفيق حفاظاً على سمعة شعبنا القبطى وكنيستنا المجيدة ومستقبل اولادنا الأحباء.
احب اولا ان انوه ان شعبنا القبطى الاصيل شعب عريق له تاريخ ناصع في كل بقاع ودول العالم المتحضر فى امريكا و اوروبا و استراليا و باقى بلاد المهجر، هذا التاريخ العريق كُتب بدم وجهد و أمانة الرعيل الاول من المهاجرين ابتداءً من الستينيات وحتى الاًَن و كان لزاماً علينا ان نحافظ على هذا المجد الذى نالوه وهذا الاسم العظيم الذى حفروه بين دول العالم وهذه المكانة المرموقه التى وصلوا اليها ولكن للأسف الشديد لم يسلك بعض الأولاد بنفس الأمانة التى سلك بها الآباء وبدا كما لو كان هذا الصرح العظيم على وشك الانهيار لذلك لابد لنا ان نقف وقفة رجل واحد لنرى اين كنا والى اين نحن ذاهبون وندرس الأسباب ونصحح المسار قبل فوات الأوان.
ليس من الخطأ فى شيئ ان يعمل الانسان من اجل ان يؤمن عيش كريم له ولأسرته ولاولاده من بعده وليس عيبا ان يكون الانسان ناجحا فى عمله او فى تجارته وليس عيباً ان يكون الشباب طموحاً في البحث عن حياة افضل ولكن العيب كل العيب انه من أجل الوصول الي الهدف ان ندوس على كل التعاليم المسيحية وعلى القيم و المثل و الأخلاقيات التى تسلمناها وتربينا عليها منذ نعومة اظافرنا، للأسف الشديد هذا ما نراه الان فبدلا من ان تتصدر اسماء الأقباط المراكز المرموقة فى الطب و الهندسة و فى اكبر الجامعات اصبح الان أسماؤهم و صورهم فى الجرائد وعلى الانترنيت وعلى شاشات التلفزيون و لاول مرة ضمن اللذين يتلاعبون فى الضرائب و اللذين يتاجرون فى الاشياء المسروقه و الاشياء غير المشروع الاتجار فيها لأجل مكسب ورغبة منهم فى الثراء السريع.
اسمعوا ما يقوله السيد المسيح بفمه الطاهر:
انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ.
و ايضاً "مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ، وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا".
والقديس يعقوب الرسول يقول:
"وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ. جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا دُعِيتَ أَيْضًا"
القديس يوحنا الحبيب قال:
أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ ِللهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُوًّا ِللهِ. وايضاً قال لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ: شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَد.
أنصتوا الى ما قاله الرب على فم اشعياء النبى:
لِمَاذَا لِي كَثْرَةُ ذَبَائِحِكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. اتَّخَمْتُ مِنْ مُحْرَقَاتِ كِبَاشٍ وَشَحْمِ مُسَمَّنَاتٍ، وَبِدَمِ عُجُول وَخِرْفَانٍ وَتُيُوسٍ مَا أُسَرُّ. حِينَمَا تَأْتُونَ لِتَظْهَرُوا أَمَامِي، مَنْ طَلَبَ هذَا مِنْ أَيْدِيكُمْ أَنْ تَدُوسُوا دُورِي؟ لاَ تَعُودُوا تَأْتُونَ بِتَقْدِمَةٍ بَاطِلَةٍ. الْبَخُورُ هُوَ مَكْرَهَةٌ لِي. رَأْسُ الشَّهْرِ وَالسَّبْتُ وَنِدَاءُ الْمَحْفَلِ. لَسْتُ أُطِيقُ الإِثْمَ وَالاعْتِكَافَ. رُؤُوسُ شُهُورِكُمْ وَأَعْيَادُكُمْ بَغَضَتْهَا نَفْسِي. صَارَتْ عَلَيَّ ثِقْلاً. مَلِلْتُ حَمْلَهَا. فَحِينَ تَبْسُطُونَ أَيْدِيَكُمْ أَسْتُرُ عَيْنَيَّ عَنْكُمْ، وَإِنْ كَثَّرْتُمُ الصَّلاَةَ لاَ أَسْمَعُ. أَيْدِيكُمْ مَلآنَةٌ دَمًا. اِغْتَسِلُوا. تَنَقَّوْا. اعْزِلُوا شَرَّ أَفْعَالِكُمْ مِنْ أَمَامِ عَيْنَيَّ. كُفُّوا عَنْ فِعْلِ الشَّرِّ. تَعَلَّمُوا فَعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ. انْصِفُوا الْمَظْلُومَ. اقْضُوا لِلْيَتِيمِ. حَامُوا عَنِ الأَرْمَلَةِ. هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ. إِنْ شِئْتُمْ وَسَمِعْتُمْ تَأْكُلُونَ خَيْرَ الأَرْضِ. وَإِنْ أَبَيْتُمْ وَتَمَرَّدْتُمْ تُؤْكَلُونَ بِالسَّيْفِ». لأَنَّ فَمَ الرَّبِّ تَكَلَّمَ.
احبائى ان ما حدث مؤخراً هو لطمة على وجوهنا جميعاً لنفيق و نصحوا ونعود الى الله ونتوب ونصحح هذا المسار المعوج و ننتبه الى حياتنا الأبدية لان السيد المسيح قال بفمه الطاهر "ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون".
اطلب اليكم أيها الأحباء ان نبتعد عن ألطمع و محبة المال وشهوة الغنى وان نتطهر من كل إثم و خطية ونكف عن فعل الشر وان نسعى الى فعل الخير كقول معلمنا القديس بطرس "مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ الْحَيَاةَ وَيَرَى أَيَّامًا صَالِحَةً، فَلْيَكْفُفْ لِسَانَهُ عَنِ الشَّرِّ وَشَفَتَيْهِ أَنْ تَتَكَلَّمَا بِالْمَكْرِ، لِيُعْرِضْ عَنِ الشَّرِّ وَيَصْنَعِ الْخَيْرَ، لِيَطْلُبِ السَّلاَمَ وَيَجِدَّ فِي أَثَرِهِ. لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ عَلَى الأَبْرَارِ، وَأُذْنَيْهِ إِلَى طَلِبَتِهِمْ، وَلكِنَّ وَجْهَ الرَّبِّ ضِدُّ فَاعِلِي الشَّرِّ».
القس بطرس بطرس
كنيسة مار مينا
ناشفيل - تينيسى
٢٦ يوليو ٢٠١٢
