قراءات أبكتنى بالدموع

**كنت أخدم فريق الكشافة بكنيستى بمصر .. وكنت أعرف كل فرد من أفراد الفرق الكشفية المكونة من أشبال وكشافة وجوالة
اِلا أنة حدث فى أحد الأيام أننا وزعنا على أطفال الأشبال اِستمارة كى يملأها كل طفل ... وعندما أعاد الأطفال كل الاستمارات وأخذتها منهم بعد أن كتبوا المعلومات المطلوبة مثل الاسم والعنوان والمدرسة الخ
كان من ضمن المعلومات المطلوبة اِسم ولى الامر
قرأت كل الاستمارات وتوقفت أمام أحدها حينما قرأت أمام اِسم ولى الامر " ماما "
لقد كتب الطفل  الصغير هذة الكلمة "ماما" ولكننى قرأتها ولو كنت أقرأ هذة الكلمة لأول مرة فى حياتى .
هنا رأيت فى هذة الكلمة الدنيا كلها لهذا الطفل بل أملة وسندة وفخرة  
لقد طعنتنى هذة الكلمة رغم أننى أعرف هذة الاسرة وكل أفرادها ورغم معرفتى بأن هذا الطفل كان اِبناً لأحد شهداؤنا الأبطال فى الحرب
ما أصعب كلمة "ماما" حينما تكتب بأصبع اليتيم ... فدموعها حارقة.
** فى كتاب اليوبيل الفضى لكنيسة الشهيدين أبى سيفين ودميانة بشبرا ذكر أحد الخدام القصة التالية :
" كنا نقوم بخدمة النشاط الصيفى وكنا نوزع وجبات اِفطار بعد التناول وفوجئت بأحد الأطفال يخبأ الوجبة فى جيبة ويطلب غيرها . اِستفزنى التصرف " هكذا يقول الخادم" وبدأت بسؤال الطفل لماذا فعل هذا التصرف وكانت المفاجأة التى لازالت عندما أتذكرها اِلى اليوم تدمع عيناي . اِنة اِحتجز هذة الوجبة لأمة فى المنزل لأنة لا يوجد فى المنزل ما تأكلة .... أترك بقية القصة ورد الفعل لخيال القارئ " اِنتهى كلام الخادم ....
 وطويت صفحات الكتاب على كلماتة التى اِمتزجت بدموعى
** فى كتاب " الأيام " لطة حسين ذكر المؤلف أنة فقد بصرة اِثر مرض فى طفولتة ...  ولأنة كان من أسرة فقيرة بقرية الكيلو بمحافظة المنيا .. كانت والدتة تقدم لة ولاِخوتة العسل الاسود  ... ولأنة كفيفاً لم يستطع أن ينظف شفتية ووجهة من العسل المتساقط علية ...  مما تسبب فى ضحك كل الاولاد الذين حولة عندما لاحظوا العسل المتساقط على وجههة ..فانزوي الفتى " طة " بعد هذة الواقعة وأضرب عن أكل العسل بقية أيام حياتة ...
يالها من مأساة .. نستطيع أن نضحك فى موقف ما على شخص ما ... ولكن تذكر أن ضحكاتك قاتلة للبعض ومبكية للبعض .
** فى قصتة " بين الناس جامعياتى " للمبدع الروسى مكسيم غوركى
رأيتة كاتباً فذاً لم يحصل على التعليم من المدارس بل من الحياة من الشوارع فمن بقايا القمامة كان طعامة و تعلم المزامير بالضرب بعصا جدة الذى تولى تربيتة بعد موت ابية وهو مازال طفلاً صغيراُ وماتت أمة بعد أبية بمدة قصيرة .. عمل مكسيم تقريباً كل شئ فى قاع المجتمع من فرز القمامة الى جمع العظام ومخلفات الحيوانات من الشوارع الى غاسل صحون على ظهر مركب بها مساجين ومجرمين ... والعجيب ان جدتة كانت تقوم بتلقينة الايمان وتثبتة بل كانت تنادية ب" ياملاكى "...  ووسط هذا البؤس كانت تعزية وتشجعة بقولها نحن أعظم من كثيرين .هناك أناس أفقر منا يحتاجون الى عشورنا .. فى وسط هذا الجو المحبط المعدم كانت الجدة تذهب معة للغابات ليلتقطا سوياً بعض الأعشاب ليأكلا منها .. كانت شاكرة ... قرأت كتاباتة وقصتة مع الحياة وبقدر الحبر والمداد الذى استخدمة فى كتاباتة ومؤلفاتة وبنفس القدر وأكثر تساقطت دموع قراؤة .... ليت قارئي العزيز يقرأ لهذا العملاق  اِنة (مكسيم غوركى ).
وللحديث بقية حيث لا تنتهى الدموع أثناء القراءة
سمير المطيعى