.
الموقع هدفه الارتقاء بالفكر الرافى الحر والتواصل مع الانسان المصرى فى كل مكان ، ومع ذلك فالموقع غير مسئول تماماً من الناحية الأدبية والقانونية عما يُكتب فيه سواء من المحررين أو من أى مصادر أخرى

الأحد، يونيو 02، 2013

من يطرد الخرفان


...من يطرد الخرفان ..؟!  بقلم علاء الاسوانى

حدث ذلك في واحدة من أجمل الغابات وأكثرها خيرا وثراء ، ابتليت الغابة بحكم الفيل الظالم الفاسد الذي استعان بالذئاب والخنازير لاخضاع الحيوانات.كانت الذئاب تهاجم الحيوانات كل ليلة وتلتهمها والخنازير تأكل الجيف وتتناسل . لم تعد الحيوانات آمنة على حياتها ورزقها وفاحت رائحة الخنازير الكريهة في أنحاء الغابة ولما فاض الكيل بالحيوانات أعلنت الثورة ضد حكم الفيل وجرت موقعة ضارية قتل فيها مئات الحيوانات لكنهم في النهاية انتصروا على الفيل وطردوه مع خنازيره وذئابه خارج الغابة .

فوضت الحيوانات الزرافة للحديث باسمها فذهبت للقاء الأسد وقالت :

ـــ أيها الأسد العظيم أنت تقود مجموعة من الأسود الشجعان ولطالما دافعتم عن غابتنا ضد كل من يريد بها شرا .. أرجوك تول أمرنا فنحن نحبك ونثق بك

تولى الأسد أمر الغابة وسادت حالة من التفاؤل والسرور في البداية ولكن بمرور الأيام لاحظت الحيوانات أن الأسد يستعين دائما بالخرفان حتى بدا واضحا أنه سوف يسلم حكم الغابة اليهم .


عندئذ اجتمعت الحيوانات للتشاور فقال الهدهد :
ــ احذروا يا زملائي . من الواضح أن الأسد عازم على تسليم السلطة الى الخرفان . .الخرفان كاذبون وأنذال لا يحفظون العهود ولايراعون الحقوق . كل ما يهمهم تحقيق مصالحهم بأى طريقة


صاحت النعامة :
ــ لقد ثرنا على الفيل الظالم وذئابه وخنازيره من أجل أن نعيش بأمان وكرامة . وهاهو الأسد سيمنح الحكم للخرفان الأنذال . يالضيعة الدماء التى راحت هدرا .


على أن الحمار كان له رأى آخر فقد أصدر نهيقا وقال :

ــ يا جماعة لماذا تتوقعون الشر قبل وقوعه ..؟!. من قال لكم ان الخرفان سيحكمون الغابة ..؟! .


قال الهدهد :
ــــ افهم يا حمار .كل الدلائل تؤكد أن هناك اتفاقا بين الأسد والخرفان . لقد قمنا بثورة على حكم الفيل حتى نقضى على الظلم ونعيش في أمان . سترى بنفسك أن حكم الخرفان ليس أفضل من حكم الفيل . ..
يوما بعد يوم تحققت المخاوف اذ تولى الخرفان حكم الغابة بالكامل وانسحب الأسد الى العرين . سرعان ما اكتشفت الحيوانات ان حكم الخرفان ليس الا الوجه الاخر من حكم الفيل . نفس الظلم ونفس الاعتداء على الحقوق ونفس الأكاذيب بل ان الخرفان استعانت بالذئاب المتوحشة التى عادت الى مهاجمة الحيوانات الآمنة تماما كما كانت تفعل أيام الفيل .


ساد الاحباط بين الحيوانات وذات ليلة بينما الزرافة تتجول وحدها وهي حزينة اعترض طريقها خنزير وقال :

ــ مساء الخير أيتها الزرافة. أعلم أنك حزينة من أجل ما يفعله الخرفان..نحن الخنازير أيضا مستاءون مما وصلت اليه غابتنا . لقد ثرتم ضد الفيل العظيم وطردتموه وها أنتم تدفعون الثمن ..
أجابت الزرافة بحدة :

ـــ الفيل لم يكن عظيما بل كان ظالما وفاسدا وهو السبب في كل مصائبنا. أنتم ياخنازير كنتم شركاءه وأدواته في الظلم والنهب والفساد ..
تنهد الخنزير وقال :


ــ فلننس الماضى يازرافتى العزيزة .لقد جئتكم برسالة صداقة من الخنازير . أعرف أنكم تعدون العدة لثورة جديدة ضد الخرفان . أنا أحذركم لأن الخرفان اتفقوا مع مجموعات كبيرة من الذئاب سيمزقونكم اربا لو تمردتم عليهم .


زفرت الزرافة بقوة وأدارت عنقها الطويل يمينا ويسارا ( كعادتها اذا انفعلت) ثم قالت :


ـــ لا تستهن بنا أيها الخنزير . نحن حيوانات الغابة عددنا أكثر بكثير من الخرفان والذئاب جميعا كما أننا مقاتلون شجعان ومستعدون للدفاع عن حقوقنا الى النهاية حتى لو هلكنا جميعا


ـــ أنا لا أشكك في شجاعتكم . كل ما أرجوه منكم أن تغلبوا العقل على العاطفة . ان عهد الفيل العجوز قد انتهى وهو الآن ينتظر الموت بهدوء بجوار النهر .. نحن مئات من الخنازير المدربة واذا تحالفتم معنا سنقضى على الخرفان في يوم واحد .

أيتها الزرافة . أرجو أن توافقى على طلبنا نحن الخنازير بالانضمام اليكم لنطرد الخرفان من الغابة

زفرت الزرافة مرة أخرى وقالت :


ــــ أنا لا أملك حق الحديث باسم الحيوانات في هذا الأمر . أمهلنى يوما واحدا أيها الخنزير ..


ــــ هذه فرصة ذهبية لا تضيعوها من مخالبكم . نحن الخنازير في انتظار اشارة منكم لكى ننضم اليكم ونحارب الخرفان


هزت الزرافة رأسها وكأنها تفهمت وقالت :

ــ غدا هنا في نفس الموعد سأخبرك برأى الحيوانات ..
تلك الليلة لم تنم الزرافة ، ذهبت الى الحيوانات جميعا . كانت تشرح الموضوع أمام كل مجموعة من الحيوانات ثم تستمع باهتمام الى آرائهم وبينما هي تتحدث مع الحمير قال أكبرهم سنا:


ـــ أنا أقبل عرض الخنزير . أهم شيء الآن أن نطرد الخرفان بأى طريقة . يجب أن نستعين بالخنازير القوية في حربنا ضد الخرفان ..
أما النسناس فقد تشقلب مرتين في الهواء ثم تعلق بجذع الشجرة وبدا عليه التفكير وقال :

ــ أيتها الزرافة أنا أرفض هذا العرض . . كيف نستعين بالخنازير الذين ثرنا ضدهم والذين قتلوا المئات من زملائنا أثناء الثورة الأولى . هذا أمر لا أقبله أبدا ..


أما النعامة فقد انحنت حتى لامست الأرض وراحت تحك منقارها في التراب ثم رفعت رأسها وقالت :

ـــ أيتها الزرافة اذا كنت قد نسيت مافعله الخنازير فينا أيام حكم الفيل الطاغية فأنا لم أنس . أنا أفضل الموت على أن أتعاون مع الخنازير المجرمين ..


في النهاية ذهبت الزرافة الى عرين الأسد ..وقفت أمامه وأحنت رقبتها الطويلة احتراما وقالت :

ـــ أيها الأسد العظيم . يامن دافعت أنت وأبناؤك الأسود عن غابتنا عشرات المرات . أنت يامن نطمئن جميعا بوجودك معنا ويامن يخشى الأعداء بأسك وقوتك .تكلم . قل لنا كيف تفكر . لقد ثرنا ضد الفيل الظالم الفاسد فابتلانا الله بحكم الخرفان وهم لايقلون ظلما وفسادا عن الفيل .
تثاءب الأسد وقال :


ــــ ماذا تريدين منى أيتها الزرافة ..؟!

ــــ أريدك أن تفصح عن موقفك أيها الأسد . أنت تتصرف بشكل غامض . هل أنت معنا أم مع الخرفان.؟

ــــ أنا مع كل ما يحقق خير الغابة
ــ هذا كلام عام بلا فائدة .. هل ستساعدنا في التخلص من الخرفان . أجبني بوضوح أيها الأسد .


تثاءب الأسد من جديد وقال :

ــ سأجيبك فيما بعد أيتها الزرافة . أريد ان أنام الآن
خرجت الزرافة وهي تقول لنفسها :" لا فائدة من هذا الأسد . لا يمكن أن نعتمد عليه . من الواضح أنه متواطيء مع الخرفان ". في الموعد المحدد جاء الخنزير وقال :


ــ هل استشرت الحيوانات أيتها الزرافة ..؟!

ردت الزرافة بهدوء :

ــ باستثناء بعض الحمير ، فان الحيوانات جميعا يرفضونكم أيها الخنازير لأنكم شاركتم الفيل في ظلمه وفساده . لقد ثرنا ضدكم أيها الخنازير فكيف نتعاون معكم بعد ذلك. لن يحدث ذلك أبدا

صاح الخنزير غاضبا :


ـــ هذا هو الغباء بعينه .ـ لقد دمرتم الغابة بغبائكم وخيبتكم .. صرنا نعيش في فوضى وخراب و نتمنى يوما واحدا من حكم الفيل العظيم


ــ بالنسبة اليكم كان الفيل عظيما أيها الخنازير لأنه منحكم ما لاتستحقونه أما نحن الحيوانات فلازلنا نرى الحقيقة .أيها الخنازير أنتم والخرفان سواء في الظلم والفساد . لابد أن نتخلص منكم جميعا .
صاح الخنزير :

ــ اللعنة عليك وعلى حيواناتك

رفعت الزرافة قدمها مهددة وقالت :

ــ انصرف من هنا اذا كنت حريصا على حياتك
خاف الخنزير وولى هاربا . ساعة الفجر كانت الحيوانات كلها قد استعدت طبقا للاتفاق . كانوا يعلمون أن الخرفان لايستيقظون قبل الضحى وبالتالي قرروا أن يشنوا الهجوم مبكرا . وقفت الزرافة وقالت :


ــــ أيتها الحيوانات الشجاعة . تذكروا زملاءنا الذين قتلهم الفيل بواسطة ذئابه وخنازيره . لقد ماتوا وهم يحلمون بالعدل . ها أنتم تثورون مرة أخرى من أجل العدل .لقد رفضتم أن تتعاونوا مع الخنازير ولقد تخلى عنكم الأسد وتواطأ مع الخرفان . قدركم أن تقاتلوا وحدكم لكنم ستنتصرون بشجاعتكم .,


كان صوت الزرافة الرفيع الرنان يعكس حماسا صادقا أثر في الحيوانات فالتهبت مشاعرهم وهجموا على الخرفان النائمين الذين استيقظوا مفزعين واستدعوا الذئاب المتوحشة التى بدأت قتالا ضاريا ضد الحيوانات الثائرة .

كانت الذئاب تثب على رقبة الضحية فتقتلها بعضة واحدة من أسنانها الحادة ..

سقط ضحايا كثيرون وقبيل الظهر بدا واضحا أن الثورة على وشك الاندحار فقد قتل الذئاب عددا كبيرا من الحيوانات وبدأت الحيوانات الثائرة تحس بالوهن واليأس على أنهم فجأة استمعوا الى زئير رهيب وسرعان ما ظهر الأسد الكبير ومعه مجموعة من الأسود انقضوا على الذئاب وأوسعوهم تمزيقا بمخالبهم ،

سقط نحو عشرة ذئاب قتلى ولاذ الباقون بالفرار ولما تأكد الخرفان من هزيمتهم استلقوا جميعا على الأرض وناموا على جنوبهم وكأنهم يعلنون استسلامهم ويستدرون عطف الأسد الذى زأر بقوة وقال :


ـــ أيها الخرفان لقد صبرت عليكم حتى ظنت الحيوانات بي الظنون . منحتكم الفرصة لكى تعودوا للحق لكنكم ازددتم في الظلم والعدوان حتى استعنتم بالذئاب في قتل الحيوانات البريئة تماما كما كان الفيل الظالم يفعل .

هنا كان لابد أن أتدخل لأحمي الحيوانات من شركم . ان واجبنا نحن الأسود ليس فقط الدفاع عن الغابة ضد هجوم الأعداء ولكن واجبنا أيضا أن نحمي الحيوانات البريئة من العدوان الظالم ارتفعت أصوات الحيوانات بالشكر الحار للأسد القائد الذى زأر مرة أخرى وكأنه يرد التحية وقال :


. ـــ الآن وقد قمت بواجبي وطردت الخرفان من الحكم سأعود مع زملائى الى العرين . أيها الاخوة الحيوانات سأترك لكم اختيار من ترونه مناسبا لكى يحكم بدلا من الخرفان .من تريدون لكى تمنحوه حكم هذه الغابة ..؟


ارتفعت أصوات الحيوانات جميعا هاتفين باسم الزرافة التى بان عليها الخجل فأطرقت وراحت تحرك سيقانها وتحك الأرض بحوافرها ثم تطلعت نحو الحيوانات وصاحت :


ـــــ أشكركم يا اخوتي على هذه الثقة الغالية وأشكر الأسد العظيم لأنه قهر الذئاب المتوحشة وساعدنا على التخلص من الخرفان الأشرار . أعدكم بالعدل الذى طالما حلمنا به وقاتلنا من أجل تحقيقه ..


عمت صيحات الفرح الغابة كلها اذ أحست الحيوانات لأول مرة أن ثورتها نجحت وأنها تبدأ عهدا جديدا

الديمقراطية هي الحل

0 التعليقات:

إرسال تعليق