.
الموقع هدفه الارتقاء بالفكر الرافى الحر والتواصل مع الانسان المصرى فى كل مكان ، ومع ذلك فالموقع غير مسئول تماماً من الناحية الأدبية والقانونية عما يُكتب فيه سواء من المحررين أو من أى مصادر أخرى

الأحد، أكتوبر 07، 2012

إذا فشلت دولة الإيمان في أن توحدنا

فلنكن دولة قانون!!

القس/ رفعت فكري
refaatfikry@gmail.com

منذ سبعينيات القرن العشرين وفي عهد الرئيس المؤمن محمد أنور السادات، الذي أطلق على مصر دولة العلم والإيمان،تزايدت أحداث الاعتداءات على المسيحيين ومحلاتهم وبيوتهم وكنائسهم, وحتى بعد 25 يناير 2011 خدعنا بعض المحللين في وسائل الإعلام بالقول: إن النظام السابق هو السبب الرئيسي في كل ما جرى للمسيحيين، وإنه بعد الآن لن يحدث أي عنف ضد المسيحيين, ولكن دارت الأيام وثبت كذب هذا التحليل، وحدثت أحداث كنيسة المريناب والعامرية، وأحداث دهشور التي لن تكون الأخيرة, هذا فضلاً عما يحدث لبعض المسيحيين من تهجير قسري، وإجبارهم على ترك بيوتهم, ويعوزني الوقت إن تحدثت عن الاعتداء على محلات المسيحيين وتخريبها ونهبها وسلبها.

هذه الأحداث اعتاد الإعلام أن يسميها ب"الفتنة الطائفية" وفي حقيقة الأمر هذه التسمية خاطئة حيث إن التوصيف السليم لها هو "أعمال إجرامية"، أو "اعتداءات دينية"، حيث إن بعض المضارين يتعرضون للاعتداءات،لا لشئ إلا لأنهم مسيحيون، وليس لأنهم طرف في مشاجرة أو نزاع.

وفي المجتمعات التي ترتفع فيها نسبة الأمية الأبجدية والثقافية بكثافة من الطبيعي أن يحدث هذا من أية أغلبية تجاه أية أقلية, وحتى إذا تلاشت الأمية وانتشر التعصب ورفض الآخر، فمن البديهي أن تحدث مثل هذه الأعمال الإجرامية على أساس الدين أو اللون أو العرق أو الثقافة, ولكن الفرق بين دولة المواطنة ودولة الأهل والعشيرة هو تطبيق القانون على المخطئ ومحاسبته دون اعتبار لدينه أو انتمائه للأغلبية.

ففي دولة مثل أمريكا مثلاً، ترى عدداً كبير جداً من الاختلافات بين البشر, ورغم ذلك يتعايش الجميع في سلام وأمان، لأن هناك شيئاً واحداً فقط يجبرهم على التعايش: إنه دولة القانون بلا استثناءات!

ولعل ما فعله الرئيس دوايت أيزنهاور يؤكد ما أقول ففي عام 1957م رفض حاكم ولاية أركنساس دخول السود مدارس البيض، ولمَّا حكمت المحكمة الاتحادية ببطلان هذا الإجراء اعترض حاكم الولاية على حكم المحكمة، بل تمرد عليه استجابةً للجو العام والضغط الشعبي من سكان ولايته من البيض، حتى أنه أعلن أن قرار الاختلاط بين البيض والسود في ولايته سيؤدي إلى إشعال الفتنة وإراقة الدماء في الولاية, فما كان من الرئيس"دوايت أيزنهاور" إلا أن أمر الفرقةَ العسكريةَ الشهيرة (101) باحتلال ولاية أركنساس، معتبراً إياها في حالة عصيان مدني, وأمر بحلِّ جيشها البالغ عشرة آلاف مقاتل تحقيقاً لهيبة الدولة واحترامها لحقوق كافة مواطنيها من سود وبيض, كما حكمت المحكمة على مدير المدرسة وعمدة المدينة بالسجن بتهمة التمييز.

هذه هي دولة القانون التي لا تفرق بين مواطنيها، لا على أساس لون أو جنس أو دين, فإذا كنا في مصر دولة العلم والإيمان، كما أطلق عليها الرئيس السادات، وصلنا إلى هذه الدرجة من الرخاوة, وفشلنا في أن نتعايش معاً, وأن تديننا وتعبدنا للإله الواحد فشل في أن يجعلنا نقبل التعددية والتنوع، وعجز عن أن يمنعنا من الاعتداء على المغايرين دينياً, فعلى الأقل لنكن دولة قانون، يقف الجميع أمامه متساوين دون أية حسابات أو اعتبارات لأغلبية أو لأكثرية, بدلاً من أن تتحول مصرنا لغابة يكون فيها البقاء للأقوى والاستمرارية للعنيف, ووقتها لن يكون هناك وطن.

0 التعليقات:

إرسال تعليق