الـعــمـل الــكــرازى
هل تتوقف الكرازة على سلوكيات المسيحين؟
” حسد , انقسام , زنا , وحتى التقاضى بين المؤمنين عند غير المؤمنين ” ولم نسمع ان بولس الرسول ترك الكرازة وعاد الى كورنثوس ليعالج الداخل حتى لا يعييره الناس بخطايا شعبه ولا يقبلوا كرازته ، ارسل لهم رسالة فقط يوبخ الخطية ويرشدهم الى اصلاح انفسهم بحسب طهارة الانجيل
من الطبيعى جدا ان توجد عثرات وخطايا وضعف بين القديسين ” فالخطية قد طرحت كثيرين وكل قتلاها اقوياء ” .أما أن يكون هذا عزراً لتوقف او تأجيل الكرازة بالانجيل
فهو تمما كما يستخدم عدو الخير حرب عدم الاستحقاق وصغر النفس لكل انسان خاطئ حتى لا يدخل الكنيسة او يتقدم الى التناول لأن الشيطان بهذا يضمن عدم عودته ليرتبط بالكنيسة ويتقوى من نبع الحياة بالمسيح , فتضعف الكنيسة نفسها.
ونجد ايضا مثلا لحكمة ومنهج الروح القدس الذى ارشد الاباء الرسل لخداع الشيطان حين ظهرت خلافات بين ارامل اليونانيين والعبرانيين كما فى سفر أعمال الرسل اصحاح 6 فرسموا سبعة شمامسة ودعوا هذه الخدمة باسم خدمة الموائد لكى لا ينشغلوا بهذه الامور عن الكرازة والبشارة بالانجيل.
ايضا لم تتوقف الكرازة حين رفض مرقس الرسول الذهاب مع بولس الرسول, ولم تتوقف حين وبخ بولس زميله بطرس ولم تتوقف الكرازة بانحراف نيقولاوس احد السبعة شمامسة الاوائل ؟ ”وكلهم من اعمدة الكنيسة“ فكم وكم يكون حال البسطاء والضعفاء من حديثى الايمان فى بداية الكنيسة , اليست كل هذه ضعفات فى الداخل؟ إلا اننا نجد انه على العكس تماما فقد استمر العمل الكرازى وانتشر الانجيل بالاكثر.
الكرازة لم ولن تتوقف ابدا على حالة الشعب فتنشط حين يكون الكل قديسين فقط وتتوقف حين يسقط البعض فى عثرات .
لو كانت القداسة شرط فى منْ يبشر بالمسيح، لما كان احد انبياء العهد القديم ولا رسل العهد الجديد جديرين بهذه البشارة لاننا نقراء فى الكتاب المقدس عن أخطائهم وانحرافاتهم جميعا بلا استثناء، ونحن لا نؤمن بعصمة انسان مهما كان ” فالصديق يسقط فى اليوم سبع مرات ويقوم ” ومع ذلك لم تتوقف الكرازة ؟!!.
هناك امثلة كثيرة فى سفر الرؤيا عن ملائكة الكنائس الذين كانت لكل منهم ضعفات وخطايا ولكن لم نسمع ان الكرازة توقفت لحين اصلاح الداخل بل استمرالرسل فى عملهم الكرازى بدون كلل ولا خجل حتى من خطاياهم الشخصية, حتى ان بولس يصرخ قائلاً ( بل اقمع جسدي واستعبده حتى بعد ما كرزت للآخرين لا اصير انا نفسي مرفوضا ) 1كو 9: 27
فكلنا نجاهد ضد الخطية حتى النفس الاخير . ومع ذلك لا يجب ان تتعطل الكرازة.
لقد اعطانا الرب يسوع له المجد نظام للكرازة فى لوقا 10 ” فان كان هناك ابن السلام يحل سلامكم عليه وإلا فيرجع اليكم ” , أى ان نتقدم الى الامام غير ناظرين الى الوراء لنبكى عليه او ننشغل به ومن يقبل فليقبل ومن يرفض فقد رفض المسيح نفسه. ( والذي يرذلكم يرذلني. والذي يرذلني يرذل الذي ارسلني )
صحيح ان احد اساليب الكرازة هى الكرازة بالسلوك المسيحى السليم ولكن ليس هو الاسلوب الوحيد ويجب ألا يمنعنا ضعفنا وجهادنا الدائم فى حياة التوبة ، من البشارة باسم المسيح بكل الطرق التى مارسها ابائنا الرسل والمعترفين منذ بداية الكنيسة فكما ان المواهب متنوعة واقتناء الفضائل ايضا درجات كذلك فى طرق الكرازة بالانجيل بالكلمة وبالتعليم وبالتفسير وبالرد على الاسئلة وبمعجزات وعجائب وبالموت فى ساحات التعزيب وكل هذا بعمل الروح القدس فينا كلً حسب قامته.
وهذا يقودنا الى حقيقة نهرب منها جميعنا وهى ان من يؤجل العمل الكرازى ونشر الانجيل والحديث الدائم عن رب المجد يسوع لأى سبب من الاسباب المنطقية العقلانية والمقبولة للجميع انما ينكر المسيح ويتسبب فى هلاك الناس الذين فداهم المسيح على الصليب, انما هو يعمل لحساب مملكة ابليس ضد ملكوت الله " من لا يجمع معى فهو يفرق" السلبية اذاً تساوى هدم الكنيسة والدافع فى الحقيقة ليس الاهتمام بالداخل كما يزعمون ولكنه فى الحقيقة هو الخوف او المكسب المادى او المركز المرموق ... الى أخره من الشهوات والمحبة العالمية التى هى عداوة لله والخوف هو عبارة سمعناها كثيرا ولاكنها كانت مغلفة بالحكمة فى حماية اولادنا وبناتنا من الخطر من غير المسيحين حين نجاهر بالانجيل ولكن :
الخوف خطية وبه ننكر المسيح:
مكتوب : واما الخائفون ... فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثانى (رؤ 21: 8 ) ، اذاً الخوف خطية .
فان تعطلت الكرازة لخوفنا على اب وام واولاد ، الرب يسوع نفسه يقول لنا : لان من احب ابا او أماً اكثر مني فلا يستحقنى . ومن احب ابنا او ابنة اكثر مني فلا يستحقني. ( مت 10: 37)
وهل نخاف حتى من الموت الجسدى ؟ طبعا لا .. لأنه مكتوب :
لا ترهبوا ولا تخافوا منهم. تث 1: 29 ، لا تخافوا منهم لان الرب الهكم هو المحارب عنكم تث 3: 22 ، ولكن اقول لكم يا احبائي لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون اكثر. لو 12: 4 ...
هذا الفكر ليس سوى حرب من ابليس يحاول ان يعطل نمو الكنيسة بفلسفات جوفاء ومنطق نظرى بلا تجربة ملموسه ، عكس واقع الكنيسة الاولى والرسل الاطهار , إن سفر الاعمال يذكر لنا، انه حتى فى وقت الاضطهاد ، الذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة !!!! وهل يمكن ان يصدق أحد ان يرتعد فيلكس الوالى امام بولس السجين المقيد بالسلاسل ،، العكس هو الصحيح بالمنطق البشرى او على الاصح الشيطانى
فلنحاول ان ندرب انفسنا ونُنمى روح الكرازة التى اضمحلت بسبب الخوف لتعود وتلتهب فى الجميع من الصغير الى الكبير لكى تنموا وتمتد الكنيسة شرقا وغربا.
وهذا هو الخطأ الفادح الذى وقعت فيه الكنيسة القبطية على مدى 1400 سنة لم تمارس فيها اى نوع من التبشير والكرازة وها هى القلة القليلة التى قبلت المسيح بطرق اخرى كثيرة توجه اصابع الاتهام للمسيحين على كتمانهم للحق وها هو المجتمع المصرى كله يعانى اشد العناء من سلبيتنا وتخازلنا فى تعريفهم وتبشيرهم بالايمان بكل مجاهرة وبدون خوف.
إن احتياج الداخل للخدمة سيستمر الى المجئ الثانى ... فهل ننشغل بمشاكل الداخل عن الكرازة؟
هل ننشغل بخدمة الموائد وننسى او نؤجل الكرازة ؟ يجب ان تفعلوا هذه ولا تتركوا تلك.
كي لا نكون فيما بعد اطفالا مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم بحيلة الناس بمكر الى مكيدة الضلال. اف 4 : 14
بقلم عاطف شنودة
0 التعليقات:
إرسال تعليق