.
الموقع هدفه الارتقاء بالفكر الرافى الحر والتواصل مع الانسان المصرى فى كل مكان ، ومع ذلك فالموقع غير مسئول تماماً من الناحية الأدبية والقانونية عما يُكتب فيه سواء من المحررين أو من أى مصادر أخرى

الأربعاء، أغسطس 29، 2012

تعالى ندرس كل يوم مزمور (7)



المزمور السابع

اِعداد سمير المطيعى عن تفسير أبونا أنطونيوس فكري

 (1،2): "يا رب الهي عليك توكلت. خلصني من كل الذين يطردونني ونجني. لئلا يفترس كأسد نفسي هاشماً إياها ولا منقذ."
كل الذين يطردونني= بصيغة الجمع.. يفترس كأسد= بصيغة المفرد. فكان كثيرون يضطهدون داود. ولكن كان واحداً وهو كأسد زائر وراء كل هذا الاضطهاد وهو إبليس. ونرى هنا إتكال داود الكامل على الله، وطلبه الخلاص من يده. ولاحظ قوله أيها الرب إلهي= فأنت رب الخليقة كلها وضابط الكل، وأنت إلهي أنا بوجه خاص. ولقد أضطهد إبليس آدم فطرد من الجنة، واضطهد المسيح. وهو استبعد آدم وخطف نفسه ولكنه لم يستطع هذا مع المسيح فالمسيح كان بلا خطية.
 (3-5): "يا رب الهي إن كنت قد فعلت هذا إن وجد ظلم في يديّ. إن كافأت مسالمي شراً وسلبت مضايقي بلا سبب. فليطارد عدو نفسي وليدركها وليدس إلى الأرض حياتي وليحط إلى التراب مجدي. سلاه."
ربما ينطبق هذا على داود، وأنه كان كملك عادل، وكان بقدر استطاعته باراً أمام الله. ولكنه هنا يتنبأ عن المسيح الكامل الذي بلا خطية. وبينما استعبد إبليس آدم وبنيه بسبب سقوطهم، لم يستطيع هذا مع المسيح لكماله وبره. ونلاحظ أن الله قال للحية تأكلين تراباً، فكل من يعيش في تراب هذا العالم وتستهويه شهواته يصبح تراباً ومأكلاً لإبليس. لذلك علينا أن نقارن حالنا مع ما قاله داود هنا فهو لم يوجد في يده ظلم ولما يكافئ أحد شراً حتى الذين ضايقوه، وفي هذا طبق داود تعليم العهد الجديد. فإن كنا هكذا فعلاً لا يقوى علينا إبليس ولا يدوسنا والمسيح قَبِلَ أن يموت بعد أن أخلى ذاته حتى لا نموت نحن ونداس من إبليس.
وهناك من يعترض على داود أنه يذكر بره وقداسته. ولكن الأغلب أن هذا لم يكن في فكر داود فكل مزاميره تنطق بالانسحاق. ولكنه يذكر أنه برئ من التهم المزورة التي الصقها بها أعداؤه. وبالنسبة لنا حين نقرأ هذا ونصلي به فعلينا أن نبكت أنفسنا. وإن كانت نبوة عن المسيح فهو البار وحده.
(6-10): "قم يا رب بغضبك ارتفع على سخط مضايقيّ وانتبه لي. بالحق أوصيت. ومجمع القبائل يحيط بك فعد فوقها إلى العلى. الرب يدين الشعوب. اقض لي يا رب كحقي ومثل كمالي الذي فيّ. لينته شر الأشرار وثبت الصدّيق. فان فاحص القلوب والكلى الله البار. ترسي عند الله مخلّص مستقيمي القلوب
داود يلجأ لله ليكون ترس له أي يحميه من مؤامرات الأعداء. وبالمعنى النبوي نجده يتنبأ عن عمل المسيح في صلبه= ارتفع. في قيامته= قم. ثم بصعوده عد فوقها إلى العلي. فالمسيح بعد أن ارتفع على الصليب قام من الأموات. ولكنه في كل حين هو في وسط كنيسته= ومجمع القبائل يحيط بك. وكان نداء داود عد إلى العلي هو لكي تصعد باكورتنا إلى السماء. والرب يدين الشعوب= فالدينونة أعطيت للابن (يو22:5). فالله أدان إبليس وأتباعه، وفي اليوم الأخير سيلقي في البحيرة المتقدة بالنار. ولقد بدأت الدينونة بالصليب. أما داود فهو يسلم قضيته بين يدي الله لكي يدين الله أعداؤه ويحكم له وينصفه، فالله وحده هو الذي يعرف براءته فهو فاحص القلوب والكلي. هو الله البار= الله العادل. ونلاحظ أن داود هنا لا يطلب فناء الشرير بل قال لينته شر الأشرار= هو يطلب لهم التوبة. وهكذا ينبغي أن نصلي
وثبت الصديق= حتى لا يسقط في غوايات إبليس، وحتى يحتمل آلام الأشرار كما ثبت الله الشهداء في إيمانهم إلى النفس الأخير (مت13:24). وقوله قم هو صرخة كل متألم حتى يرفع الله الظلم عنه، ففي وسط الضيق يظن الإنسان أن الشر قد انتصر، فيصرخ إلى الله ليقوم ويحقق العدل. وقوله عد فوقها إلى العلى وارتفع على سخط مضايقيّ= أي إظهر أنك فوق هؤلاء الأشرار وتمجد أمامهم. مجمع القبائل= مجمع الشعوب أي كنيسة المسيح.
الآيات (11-13): "الله قاض عادل واله يسخط في كل يوم. إن لم يرجع يحدد سيفه. مدّ قوسه وهيّأها. وسدد نحوه آلة الموت. يجعل سهامه ملتهبة."
المرتل ينبه الأشرار حتى يرجعوا بالتوبة، فإن لم يرجعوا سيضربهم الله. إن لم يرجع الشرير عن شره يحدد الله سيفه. فعدل الله حاد كالسيف وماضٍ كالسهم. والله قبل أن يقتل الجسد بسهامه، يوجه سهاماً معنوية للضمير لعله يتحرك ويتوب. وهذه السهام المعنوية هي كلمته وكرازته. وضربات الله للشرير تتدرج لتصل إلى الموت فعلاً.
(14-17): "هوذا يمخض بالإثم. حمل تعبا وولد كذبا. كرا جبّا. حفره فسقط في الهوة التي صنع. يرجع تعبه على رأسه وعلى هامته يهبط ظلمه. احمد الرب حسب بره. وأرنم لاسم الرب العلي."
(14) هي ما ردده يعقوب في (يع14:1،15). فمن يتحد بالمسيح يكون له ثمار الروح. ومن يتحد بإبليس ينجب كذب وخداع وعنف وقلق وتعب. فالخطية يصحبها فقدان السلام. وتنتهي بأن ما يزرعه الإنسان فإياه يحصد. كرا جباً= أي حفر حفرة فسقط فيها (أم27:26 + جا8:10). يرجع تعبه على رأسه= (حز31:22) وهذا يقوله داود عن كل من دبَّر له شراً، فكل ما يدبره الأعداء سيرتد على رؤوسهم وهذا ما حدث مع هامان. رمزاً لما حدث مع المسيح، فقد تآمر يهوذا عليه وكان في نهايته درساً لكل من يقف في وجه الله. وكان أخيتوفل يرمز ليهوذا. ثم ينهي المرنم مزموره بتسبيح الله العلي، الذي يتعالى على كل أعدائه ويتمجد فيهم.
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق