.
الموقع هدفه الارتقاء بالفكر الرافى الحر والتواصل مع الانسان المصرى فى كل مكان ، ومع ذلك فالموقع غير مسئول تماماً من الناحية الأدبية والقانونية عما يُكتب فيه سواء من المحررين أو من أى مصادر أخرى

الاثنين، مارس 18، 2013

ستقتسمون الحساب معي ......لقداسة البابا شنوده

انكم ستقتسمون الحساب معي
{هل تحسب أني سأحاسب وحدي علي خطاياي؟ كلا، بل أنكم ستقتسمون الحساب معي. فلو اعتنت بي الكنيسة ما كنت  أصل إلي هذه الحالة!!}
قال لي وهو ينفث دخان سيجارته في وجهي: {لعلك تعجب من حالتي الآن} فنظرت إلي شعره الطويل المصفف اللامع وعينيه الغائرتين، وأسنانه الصفراء، وأصابعه المرتعشة في عصبية ظاهرة، وشعرت نحوه بكثير من الإشفاق.. أنه واحد من الذين فداهم المسيح بدمه. وقبل أن أجيبه بشيء استطرد في مرارة:
{أنني لم أكن هكذا كما تعلم.. كنت قوي الروح، رضي الخلق، مواظبا علي الكنيسة، ثم أخذت أفتر شيئًا فشيئًا حتى انقطعت عن حضور الاجتماعات فلم تفتقدني الكنيسة أو تسع لإرجاعي، وزاد غيابي وزاد معه فتوري، وضعفت إرادتي، وظللت أهوي من قمتي العالية قليلا دون أن يفتقدني أحد.. إلي أن افتقدني الشيطان...

وعندما أتي وجد قلبي مزينا مفروشا ووجد إرادتي منحلة، ولم يجد حولي أنجيلاً ولا صلاة ولا واحد من المرشدين الروحيين، وهكذا ضعت فريسة سهلة، وسرت في الظلام.. الظلام المحبوب الذي أحبه الناس أكثر من النور}. وهز رأسه في هدوء وقال: {أنني أشتري الآن أربع علب من التبغ كل يوم}.
وشهقت في دهشة وألم، ولكنه استمر {وأذهب إلي دور الخالية ما لا يقل عن ثلاث مرات في الأسبوع، واقرأ القصص العابثة وأتسلى بالأغاني الماجنة. وأصطحب جماعة كأنهم من زبانية الجحيم.. في بدء سقوطي كنت أقاوم الخطيئة ولا أستطيع لضعف إرادتي.. أما الآن فأني لا أقاوم علي الإطلاق} ثم ضحك في استهتار وقل: {بل أخشي أن أقول أن الخطية هي التي تقاومني، ولكنها لا تستطيع لضعف أرادتها}!
وكنت خلال ذلك حزينا جدا، أما هو فنظر إلي نظرة قاسية وقال في حدة: {هل تحسب أنني سأحاسب وحدي علي خطاياي. كلا. بل أنكم ستقتسمون الحساب معي. فلو اعتنت بي الكنيسة ما وصلت إلي هذه الحالة}.
ليس المهم يا صديقي القارئ أن أكمل لك قصة هذا الشاب فإنها واحدة من شبيهات كثيرات. علي أنني أقول لك أنني رجعت إلي منزلي في تلك الليلة وأنا في غاية الألم من أجله ومن أجل نفسي. أخذت أسأل نفسي في صراحة: كم شخص مثل هذا تدهورت حالته نتيجة لعدم افتقادي وعدم اهتمامي؟ وأخذت استعرض أسماء الذين لم أفتقدهم منذ مدة، وانتابني خوف وهلع، وشعرت نحوهم بكثير من القلق، ثم تساءلت: ألعل وجودي خادما هو معطل لخدمة الله. ورنت في أذني عبارة الشاب {أنكم ستقتسمون الحساب معي} وتذكرت قول القديس يعقوب الرسول: {لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتي عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعًا}.
ولما استمرت حالة الاضطراب مدة معي، طلبت إعفائي من الخدمة، وإذ رفض طلبي ارتميت أمام الله وبكيت بًكاءًا مرا عرفت أنني مسكين..
مسكين عندما رضيت أن أكون خادمًا ولم أقل عبارة أرميا {آه يا سيد الرب أني لا اعرف أن أتكلم لأني ولد}
ومسكين عندما كنت أحسب الدرس مجرد محاضرة ألقيها في هدوء وأنصرف في هدوء.
يا أخوتي القراء صلوا من أجلي جميعًا. ومن أجل كل مدرسي مدراس الأحد فأنهم مساكين مثلي ومحتاجون.
وإذ أشكو وأتألم من مسئولية فصل صغير، ماذا أقول يا أخوتي عن آبائي الكهنة؟ أليسوا هم بالأكثر مساكين جدا ماذا يفعل الكاهن وهو مسئول عن خمسة أو عشرة آلاف نسمة؟
ماذا يجيب عندما يناديه الله {أعطني حساب وكالتك}.
في كنيسة الآباء الأول كان يعاون الكاهن جماعة من الشمامسة، يعملون معه ويساعدونه في الخدمة ويأكلون مثله من مال الكنيسة. أما الآن فأن أبانا الكاهن يعمل بمفرده، فصلوا من أجله كثيرًا حتى يعينه الله علي إتمام واجبه، وأنت يا أبي الكاهن ما الذي دفعك إلي الكهنوت؟ هل نظرت إلي امتيازه أم إلي مسئوليته؟ ألا تعرف يا أبي أنك مسئول عن كل رعيتك: الكبار والصغار، الرجال والنساء، الشبان والشابات. (ولست مسئولا عمن يحضرون الكنيسة فحسب، بل أيضًا عمن في دور العبث والفساد، عن كل شاب ماجن في الطريق، وكل سكير في حانة، وكل نزاع في أسرة.
أن لم تعرف يا أبي أنك مسكين جدًا فخير لك أن تعرف هذا من الآن. فأدخل إلي مخدعك وأبك بُكاءًا مرًا. سلم الأمر لله. قل له انك ضعيف، وأن حملك ثقيل، اجتهد واسهر، لئلا يأتي بغتة فيجدك نائما.
أن كان أبونا الكاهن هكذا فماذا نقول يا أخوتي عن آبائنا الأساقفة، الذين سيسأل الله كل واحد منهم عن حوالي مائتي ألف نسمة أو أكثر. كهنة وعلمانيين؟! ألا تروا معي يا أخوتي أنهم مساكين جدا. فصلوا من أجلهم بلجاجة حتى يساعدهم الله علي أداء أعمالهم. وأنت يا أبي الأسقف ما الذي دفعك إلي الأسقفية أو المنصب أم المسئولية؟ هل اشتهيت فيها المركز والسلطة ولقب {صاحب النيافة} وعضوية المجمع المقدس، أم أنك تشتهي تخليص النفوس!
ثم ماذا فعلت يا سيدي الأسقف بخصوص مسئوليتك؟ قارن حالة الإيبارشية منذ توليتها حتى الآن.. هل تقدمت أم مازالت كما هي؟ يحسن بك يا أبي الأسقف أن تدخل إلي قلايتك وتبكي بًكاءًا مرًا. تذكر أن الرهبان القديسين كانوا يهربون من هذا المنصب لأن مسئوليته مخيفة. فإذا ما أمسك واحد منهم بالعنف ورسم أسقفا رغما عنه كان يبكي ويصرخ أمام الله واحد قائلًا: {أنت تعرف يا رب أنني ذهبت إلي الدير لأخلص نفسي، وهاأنذا قد أرجعت إلي العالم ولم أخلص نفسي بعد، ومطلوب مني العمل علي تخليص الآخرين أيضًا. وأنا يا رب لا أستطيع، فاعمل أنت} وكان الله يعمل.
ثم ماذا عن آبائنا البطاركة الذين سيسأل الله كل واحد منهم عن حوالي ثلاثة ملايين نسمة في مصر، وعدد أكثر من هذا في الحبشة والسودان والخمس مدن الغربية التي نسمع عنها في القداسات... ماذا نقول عن هؤلاء ومسئولياتهم الخطيرة؟ أليسوا هم أيضًا مساكين؟.. صلوا يا أخوتي من أجل كل بطريرك حتى يتمكن من القيام بواجبه وحتى يعطي جواب حينما يسأله الله عن نفسه ونفوس الأساقفة والقسوس والشمامسة والرهبان والعلمانيين وعندما يسأله عن حفظ قوانين الكنيسة وعن نشر الأرثوذكسية في العالم.....
وأنتم يا من سترشحون للبطريركية في يوم ما، أن عرضت عليكم فاهربوا لحياتكم، وأن دعاكم الله فانظروا إلي مسئولياتها، وأدخلوا إلي قلاليكم وابكوا أمام الله بكاءًا مرًا.
يا أخوتي القراء: لا تنظروا إلي خدام الله، ومَنْ يتحملون المسئوليات نظرة المتفرج تمدحونهم أن أحسنوا وتحاسبونهم أن أساءوا وإنما صلوا من أجلهم حتى ينجح العمل.
وأنت يا سيدي الخادم أهتم بالمسئولية وليس بالمنصب. ومتى شعرت بالعبء ألق علي الرب همك وهو يعولك

0 التعليقات:

إرسال تعليق