بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بدأ المجتمع الدولى فى التفكير فى الدول الخطرة المفككة المنهارة مثل أفغانستان والصومال، والتى تمثل خطورة شديدة ليس على شعبها فقط ولكن على المجتمع الدولى كذلك.
فى سبتمبر 2002 بمناسبة الذكرى الأولى لأحداث 11 سبتمبر القى وزير الخارجية البريطانى الأسبق جاك سترو محاضرة بعنوان " الدول الفاشلة والدول المقبلة على الفشل" Failed and failing states
ذكر سترو خلال محاضرته لأول مرة مصطلح " الدول الفاشلة والدول المقبلة على الفشل" ذاكرا أنه بمعاونة وزارة الخارجية البريطانية حاول وضع محددات معينة لتعريف فشل الدول وتصنيف الدول الخطرة بناء على هذه المحددات، وقد ذكر فى محاضرته ثلاثة محددات لفشل الدول، الأول عدم قدرتها على التحكم فى اراضيها وتأمين الأمن لمواطنيها، والثانى يتعلق بغياب حكم القانون وتدهور حقوق الإنسان وغياب الحكم الصالح الفعال، والثالث يتعلق بعدم توفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والسكن والمأكل. تطور المصطلح أكثر مع دراسة لجامعة برنستون صدرت عام 2004 بعنوان " عندما تفشل الدول: أسباب وأثار". ولكن المصطلح أخذ دفعة قوية بتقرير " مؤشر الدول الفاشلة" الذى صدر التقرير الأول منه فى عام 2005 عن صندوق السلام بواشنطن بالتعاون مع وقفية كارنيجى للسلام الدولى بواشنطن، واستمر التقرير يتطور ويصدر من وقتها بصفة سنوية دورية.وبعد ذلك صدرت العديد من الدراسات عن مفهوم الدولة الفاشلة.
إذا عدنا لمؤشر صندوق السلام ومؤسسة كارنيجى عن الدولة الفاشلة نجده يعرفها بأنها الدولة التى لا تفرض حكومتها سيطرة فعالة على أراضيها، ولا ينظر لنظامها على أنه شرعي من قبل شريحة مهمة من سكانها، ولا تقدم أمانا داخليا أو خدمات عامة أساسية لمواطنيها، وتفتقر إلى احتكار استخدام القوة ، وقد تعانى من عنف فعلى أو تكون ببساطة عرضة لخطر العنف . يقسم المؤشر الدول إلى أربعة مجموعات وفقا لمستوى الفشل: دول فاشلة ودول فى مرحلة الخطر ودول تحت الرقابة ودول مستقرة، وجاء هذا التقسيم بناء على مؤشر مركب من 12 مؤشرا فرعيا تتعلق بكافة عناصر مكونات الدولة من وجهة نظر معدى المؤشر، وهذه المؤشرات الأثنتى عشر هى: التدخل الخارجى،النخب المنقسمة إلى فصائل،جهاز الأمن،حقوق الإنسان،الخدمات العامة، تفكك عرى شرعية الدولة، الأقتصاد، التنمية غير المتوازنة، فرار البشر وهروب الأستثمارات، تظلمات الجماعات، اللاجئون والمهجرون، الضغوط السكانية. وبالطبع كل مؤشر فرعى هو بدوره مركب من عدد من العناصر المختلفة.
تطور آخر فى المصطلحات مع تعمق الدراسات حول الدولة الفاشلة جاء مصطلح جديد وهو " جيوب الفشل"، فقد لا تكون الدولة فاشلة كلية ولكن بها جيب أو أكثر من جيوب الفشل التى بدورها تؤثر على أستقرار الدولة ودرجة فشلها.
نعود إلى مصر، فهى منذ التقرير الأول الذى صدر عام 2005 وحتى التقرير الأخير الذى صدر عن عام 2011 مصنفة فى فئة الدول التى فى مرحلة الخطر، ولكن التقرير عن عام 2012 لم يصدر بعد ولا أعرف هل ستنتقل إلى الدول الفاشلة أم ستظل فى موقعها.
أحد أهم سمات الحركات والتيارات الإسلامية هو تفشيل الدول ،أى تحويلها إلى دول فاشلة سواء بتحويل نظام الحكم فيها إلى فاشية دينية أو تحويلها إلى دولة فاشلة عبر العنف المليشياوى فى حالة فشلها فى السيطرة على الدولة، وقد رأينا ذلك فى أفغانستان والسودان والصومال ولبنان ونيجيريا وباكستان وإيران.
كل المؤشرات تقول أن مصر تتجه إلى فئة الدول الفاشلة تحت حكم الاخوان المسلمين، فهناك جيب فاشل حاليا وهو منطقة سيناء، وهناك تراجع فى مستوى الأمن بدرجة كبيرة، وهناك هروب للأسثمارات الأجنبية، وهناك انقسام كبير حول شرعية حكم الاخوان حيث يرى القسم الأكبر من المصريين أنهم فقدوا الشرعية، وهناك تراجع واضح فى المستوى الأقتصادى ومستوى الخدمات العامة،وهناك أنهيار لدولة القانون، وهناك دستور كتب لفصيل واحد وهو الإسلاميين على حساب الشعب المصرى كله،وهناك مليشيات مسلحة متعددة ظهرت فى غزوة الاتحادية وغزوة مدينة الإنتاج الإعلامى وغزوة الدستورية وسوف تتطور وتكشف عن نفسها أكثر فى المستقبل، وهناك تهديد واضح بأستخدام العنف ضد المصريين لإخضاعهم فى ظل غياب الحوار السياسى الجاد، وهناك أستهداف لرجال الاعمال الكبار من آجل تحويل الثروات تجاه الفصيل الإسلامى، وهناك دولة لا ترعى مصالح جميع المصريين وأنما تركز على فصيل بعينه، وهناك رئيس يخاطب فقط أهله وعشيرته،وهناك فساد فى العملية السياسية برمتها وتنامى الانشقاقات داخلها، وهناك فساد مالى ورشاوى سياسية من آجل استقطاب المعارضين، وهناك عدة دول تتدخل فى صميم أعمال السيادة المصرية،وهناك تشكيك فى شرعية أتخاذ القرارات العامة من قبل معظم المصريين، وهناك تراجع واضح فى حقوق الإنسان وحقوق الأقليات والمرأة،وهناك فرار كبير للكفاءات البشرية إلى الخارج، وهناك تململ اجتماعى من حدة المظالم والفقر، وهناك ضغوط سكانية تتزايد يوما بعد يوم... بأختصار فأن كل عوامل وعناصر الدولة الفاشلة تتوفر فى مصر الآن، وسواء احكم الاخوان سيطرتهم على مصر أو سقط حكمهم فأنه فى كلا الحالتين سيدفعون مصر إلى فئة الدولة الفاشلة عبر الحكم غير الرشيد فى الحالة الاولى أو من خلال تهديد الاستقرار عبر العمل العنيف المسلح فى حالة سقوطهم.
قد يتساءل البعض ويقول أن هذا طبيعى فى المراحل الأنتقالية للدول، ومصر فى مرحلة أنتقالية بعد ثورة شعبية. نعم هذا الكلام صحيح بشروط أولها نجاح وأكتمال الثورة لصالح القطاع الأكبر من مواطنى الدولة، وثانيا قصر المرحلة الأنتقالية وتسريع التحول الديموقراطى وثالثا عبر اتخاذ خطوات صحيحة فى الاتجاه الصحيح سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكل ذلك غير متوفر فى الحالة المصرية الراهنة. بل أن مؤشر الدولة الفاشلة يقرر مسألة غاية فى الاهمية وهى أن الانتخابات ليست هى الحل فى حالة عدم الأتفاق على المسائل الجوهرية، فنادرا ما تشفى الانتخابات المجتمعات المحطمة إلا بعد الاتفاق على المسائل الرئيسية المتعلقة بالدين والانتماءات العرقية والهوية ودستور متفق عليه للبلاد، والمؤسف أن جماعة الاخوان المسلمين وحلفاءها تدفع لمزيد من الانقسامات حول هذه المسائل الجوهرية.
نخلص مما تقدم أن مصر مقبلة على طور الدولة الفاشلة بشكل مؤكد، والكرة فى ملعب المصريين الحقيقيين لإنقاذ بلدهم من السقوط فى الهاوية.
فى سبتمبر 2002 بمناسبة الذكرى الأولى لأحداث 11 سبتمبر القى وزير الخارجية البريطانى الأسبق جاك سترو محاضرة بعنوان " الدول الفاشلة والدول المقبلة على الفشل" Failed and failing states
ذكر سترو خلال محاضرته لأول مرة مصطلح " الدول الفاشلة والدول المقبلة على الفشل" ذاكرا أنه بمعاونة وزارة الخارجية البريطانية حاول وضع محددات معينة لتعريف فشل الدول وتصنيف الدول الخطرة بناء على هذه المحددات، وقد ذكر فى محاضرته ثلاثة محددات لفشل الدول، الأول عدم قدرتها على التحكم فى اراضيها وتأمين الأمن لمواطنيها، والثانى يتعلق بغياب حكم القانون وتدهور حقوق الإنسان وغياب الحكم الصالح الفعال، والثالث يتعلق بعدم توفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والسكن والمأكل. تطور المصطلح أكثر مع دراسة لجامعة برنستون صدرت عام 2004 بعنوان " عندما تفشل الدول: أسباب وأثار". ولكن المصطلح أخذ دفعة قوية بتقرير " مؤشر الدول الفاشلة" الذى صدر التقرير الأول منه فى عام 2005 عن صندوق السلام بواشنطن بالتعاون مع وقفية كارنيجى للسلام الدولى بواشنطن، واستمر التقرير يتطور ويصدر من وقتها بصفة سنوية دورية.وبعد ذلك صدرت العديد من الدراسات عن مفهوم الدولة الفاشلة.
إذا عدنا لمؤشر صندوق السلام ومؤسسة كارنيجى عن الدولة الفاشلة نجده يعرفها بأنها الدولة التى لا تفرض حكومتها سيطرة فعالة على أراضيها، ولا ينظر لنظامها على أنه شرعي من قبل شريحة مهمة من سكانها، ولا تقدم أمانا داخليا أو خدمات عامة أساسية لمواطنيها، وتفتقر إلى احتكار استخدام القوة ، وقد تعانى من عنف فعلى أو تكون ببساطة عرضة لخطر العنف . يقسم المؤشر الدول إلى أربعة مجموعات وفقا لمستوى الفشل: دول فاشلة ودول فى مرحلة الخطر ودول تحت الرقابة ودول مستقرة، وجاء هذا التقسيم بناء على مؤشر مركب من 12 مؤشرا فرعيا تتعلق بكافة عناصر مكونات الدولة من وجهة نظر معدى المؤشر، وهذه المؤشرات الأثنتى عشر هى: التدخل الخارجى،النخب المنقسمة إلى فصائل،جهاز الأمن،حقوق الإنسان،الخدمات العامة، تفكك عرى شرعية الدولة، الأقتصاد، التنمية غير المتوازنة، فرار البشر وهروب الأستثمارات، تظلمات الجماعات، اللاجئون والمهجرون، الضغوط السكانية. وبالطبع كل مؤشر فرعى هو بدوره مركب من عدد من العناصر المختلفة.
تطور آخر فى المصطلحات مع تعمق الدراسات حول الدولة الفاشلة جاء مصطلح جديد وهو " جيوب الفشل"، فقد لا تكون الدولة فاشلة كلية ولكن بها جيب أو أكثر من جيوب الفشل التى بدورها تؤثر على أستقرار الدولة ودرجة فشلها.
نعود إلى مصر، فهى منذ التقرير الأول الذى صدر عام 2005 وحتى التقرير الأخير الذى صدر عن عام 2011 مصنفة فى فئة الدول التى فى مرحلة الخطر، ولكن التقرير عن عام 2012 لم يصدر بعد ولا أعرف هل ستنتقل إلى الدول الفاشلة أم ستظل فى موقعها.
أحد أهم سمات الحركات والتيارات الإسلامية هو تفشيل الدول ،أى تحويلها إلى دول فاشلة سواء بتحويل نظام الحكم فيها إلى فاشية دينية أو تحويلها إلى دولة فاشلة عبر العنف المليشياوى فى حالة فشلها فى السيطرة على الدولة، وقد رأينا ذلك فى أفغانستان والسودان والصومال ولبنان ونيجيريا وباكستان وإيران.
كل المؤشرات تقول أن مصر تتجه إلى فئة الدول الفاشلة تحت حكم الاخوان المسلمين، فهناك جيب فاشل حاليا وهو منطقة سيناء، وهناك تراجع فى مستوى الأمن بدرجة كبيرة، وهناك هروب للأسثمارات الأجنبية، وهناك انقسام كبير حول شرعية حكم الاخوان حيث يرى القسم الأكبر من المصريين أنهم فقدوا الشرعية، وهناك تراجع واضح فى المستوى الأقتصادى ومستوى الخدمات العامة،وهناك أنهيار لدولة القانون، وهناك دستور كتب لفصيل واحد وهو الإسلاميين على حساب الشعب المصرى كله،وهناك مليشيات مسلحة متعددة ظهرت فى غزوة الاتحادية وغزوة مدينة الإنتاج الإعلامى وغزوة الدستورية وسوف تتطور وتكشف عن نفسها أكثر فى المستقبل، وهناك تهديد واضح بأستخدام العنف ضد المصريين لإخضاعهم فى ظل غياب الحوار السياسى الجاد، وهناك أستهداف لرجال الاعمال الكبار من آجل تحويل الثروات تجاه الفصيل الإسلامى، وهناك دولة لا ترعى مصالح جميع المصريين وأنما تركز على فصيل بعينه، وهناك رئيس يخاطب فقط أهله وعشيرته،وهناك فساد فى العملية السياسية برمتها وتنامى الانشقاقات داخلها، وهناك فساد مالى ورشاوى سياسية من آجل استقطاب المعارضين، وهناك عدة دول تتدخل فى صميم أعمال السيادة المصرية،وهناك تشكيك فى شرعية أتخاذ القرارات العامة من قبل معظم المصريين، وهناك تراجع واضح فى حقوق الإنسان وحقوق الأقليات والمرأة،وهناك فرار كبير للكفاءات البشرية إلى الخارج، وهناك تململ اجتماعى من حدة المظالم والفقر، وهناك ضغوط سكانية تتزايد يوما بعد يوم... بأختصار فأن كل عوامل وعناصر الدولة الفاشلة تتوفر فى مصر الآن، وسواء احكم الاخوان سيطرتهم على مصر أو سقط حكمهم فأنه فى كلا الحالتين سيدفعون مصر إلى فئة الدولة الفاشلة عبر الحكم غير الرشيد فى الحالة الاولى أو من خلال تهديد الاستقرار عبر العمل العنيف المسلح فى حالة سقوطهم.
قد يتساءل البعض ويقول أن هذا طبيعى فى المراحل الأنتقالية للدول، ومصر فى مرحلة أنتقالية بعد ثورة شعبية. نعم هذا الكلام صحيح بشروط أولها نجاح وأكتمال الثورة لصالح القطاع الأكبر من مواطنى الدولة، وثانيا قصر المرحلة الأنتقالية وتسريع التحول الديموقراطى وثالثا عبر اتخاذ خطوات صحيحة فى الاتجاه الصحيح سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وكل ذلك غير متوفر فى الحالة المصرية الراهنة. بل أن مؤشر الدولة الفاشلة يقرر مسألة غاية فى الاهمية وهى أن الانتخابات ليست هى الحل فى حالة عدم الأتفاق على المسائل الجوهرية، فنادرا ما تشفى الانتخابات المجتمعات المحطمة إلا بعد الاتفاق على المسائل الرئيسية المتعلقة بالدين والانتماءات العرقية والهوية ودستور متفق عليه للبلاد، والمؤسف أن جماعة الاخوان المسلمين وحلفاءها تدفع لمزيد من الانقسامات حول هذه المسائل الجوهرية.
نخلص مما تقدم أن مصر مقبلة على طور الدولة الفاشلة بشكل مؤكد، والكرة فى ملعب المصريين الحقيقيين لإنقاذ بلدهم من السقوط فى الهاوية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق