.
الموقع هدفه الارتقاء بالفكر الرافى الحر والتواصل مع الانسان المصرى فى كل مكان ، ومع ذلك فالموقع غير مسئول تماماً من الناحية الأدبية والقانونية عما يُكتب فيه سواء من المحررين أو من أى مصادر أخرى

الجمعة، ديسمبر 21، 2012

اسره تقيم في الشارع وراء الثوار



المصدر المحيط




 أم منتقبه و أب جامعي و طفلة معاقة يبيعون الشاي لضيوف التحرير
 «الأب» مش همشي من الشارع غير لما أخد حقي، ولو مسك مصر إسرائيلي بس وفر لي دخل وسكن فأنا معاه وهأيده».

كتبت ـ مي الشريف

في الوقت الذي تصدح فيه الآراء والنقاشات السياسية الدائرة بالخيم التي يجلس بها معتصمي التحرير من القوي السياسية والثوار، و تنشغل فيه مؤسسة الرئاسة بتمرير الدستور، والخروج من هذه الأزمة الطاحنة بأقصى انتصار متاح وأقل خسائر ممكنة، وسط طرفين يري كلا منهما أنه الأصح، كانت هناك أسرة حائرة.. أسرة شبه معدمه ماديا..مكونة من أب وأم وطفلتهما المعاقة، نذرت هذه الأسرة نفسها منذ ثورة يناير أن يكون الميدان جزءا أساسيا من حياتها، يسيرون وراء الثوار أينما ذهبوا،، هم في التحرير طالما الثوار في التحرير، وهم في الاتحادية إذا ذهب الثوار للاتحادية،، لا يبالون ما يصيبهم من متاعب قد تصيبهم، لا يبالون إذا نال الضرب أو السجن أحدهم، فقد سُلبت منهم كل حياة مستقرة قد يعيشونها، فلا مصدر دخل ولا سكن ولا أي شيء يضمن حياة مستقرة، «أيش ياخد الريح من البلاط.. أحنا أصلا بيتنا  اتخرب من النظام اللي فات، ودلوقتي الإخوان بيكملوا علينا.. هنخاف من أيه؟ المهم إننا نحس إننا عملنا ولو حاجة صغيرة للبلد». هكذا عبّر رب الأسرة الصغيرة عن سبب تواجد أسرته في الشارع وراء الثوار.

عودّت الأسرة نفسها على حياة الشارع تماما، فنصبت خيمة صغيرة في الشارع تبات فيها ليلا، وبجوار الخيمة خصصت ركنا صغيرا لبيع الشاي والقهوة لمعتصمي الميدان والمارة، ووضعت فيه مجموعة من الكراسي لتتيح جلوسا مريحا لمن يريد أن يشرب شاي أو قهوة مستشعرا هواء الميدان بعيدا عن النقاشات السياسية في خيم المعتصمين التي لا تنتهي ولا تحسم لصالح أحد، بجوار الخيمة الصغيرة بالميدان تجلس ياسمين علي كرسي متحرك، ياسمين التي أصبح كثير من المارة في هذا المكان يعرفونها ويسلمون عليها كلما عبروا من هذا المكان،   لم يتجاوز عمر ياسمين تسع سنوات بعد، تعاني منذ ولدت من الشلل الرباعي، حيث لم تستطع أن تُُحرك منذ ولادتها سوي عينيها فقط، حركات حائرة غير منضبطة، لا تدرك شيئا مما تري سوي وجوه لأشخاص تبتسم لهم وتصدر أصواتا لا تميز منها شيئا، من تحت الشال الذي حرص والدها أن يغطي وجه طفلته به، حتى لا تؤذيه نظرات الشفقة في عيون الناس عندما يرون طفلته، كانت ياسمين تصدر تأوهات من تحت الشال تعني أنها قد ملّت،  وعندما رفع والدها الشال عن وجهها نظرت حولها وابتسمت، وغمغمت قائلة شيئا ما لا يدركه سواها، فلا تستطيع أن تفهم تحديدا ما الذي تريد الطفلة قوله، داخل الخيمة تجلس والدتها التي تضع وأبور جاز وضعت عليه إناء يتصاعد منه البخار، ويوحي أن هاهنا رائحة بيت وطعمه!

ماشيين وراء الثوار

تخرج مني كامل -25 عاما- والدة ياسمين من خيمتها بنقابها، الذي حرصت أن ترتديه طوال الوقت لوجودها في الشارع طوال الوقت، وتقول معبرة عن تواجدها في الميدان (أحنا ماشيين وراء الثوار في كل مكان، فضلنا شهر كامل في الاتحادية، وطوال فترة ثورة يناير والأحداث التي تلتها كنّا في ميدان التحرير، أحنا عايشين هنا وشغالين هنا، يمكن أنا بكرّه الإخوان المسلمين أكتر من مبارك، منى رقم حصولها على شهادة متوسطة قبل الجامعي، مانت تنتقد الوضع الحالي، قائلة مبارك كان فاسد لكن مكانش بيحمل الدين فساده، لكن الإخوان المسلمين دول بيحملّوا الدين كل فسادهم." تصمت مني قليلا وتضيف " أنا قريت الدستور اللي هما كاتبينه، ونويت أقاطع الاستفتاء اللي عملوه عليه، لأني مش هشارك في شيء من بدايته لنهايته غلط.. كفاية المواد اللي بتنص علي صلاحيات الرئيس دول خلّوه ولا ربنا استغفر الله العظيم!"

مبارك وعز خربوا بيتنا

هنا يأتي طارق مصطفي -42 عاما- والد ياسمين ليتدخل في الحوار قائلا "أحنا اتبهدلنا كتير أوي.. أنا معايا مؤهل عالي.. خريج كلية آداب، وسافرت أكتر من بلد بره عشان أشتغل، رجعت بفلوس فتحت بيها محل أدوات صحية، ورجعت وأنا حاسس بأهمية البلد أوي، وعارف إني مش هقدر أعيش براها، ومبارك وأحمد عز مسبوناش في حالنا خربوا بيتنا وقفلوا المحل اللي كنت معتمد بشكل أساسي علي سعر النحاس في السوق، لما أحمد عز علّي سعر الحديد.. سعر النحاس علي، ولما الحديد رخص النحاس نزل سعره في الأرض، والمحل اتقفل، اتنقلت أنا ومراتي وبنتي ما بين عشر شقق كلهم إيجار جديد، وما بين القاهرة والإسكندرية، أتعلمت السواقة وقلت أهي شغلانه تساعد لما ميبقاش فيه شغل، وسافرنا إسكندرية أخدت شقة إيجار جديد هناك، واشتغلت سواق بالرخصة اللي معايا، بس منفعش نستقر عشان كان الدخل قليل، ومن ساعة ما الثورة بدأت وإحنا في التحرير، وماشيين ورا الثوار مكان ما يروحوا، أنا اتسجنت شهرين في أحداث الثورة، أخدوني من المشتبه فيهم، ومراتي وبنتي مالقيوش مكان يروحوا فيه، بس أنا مش همشي من الشارع غير لما أخد حقي، أنا عاوز دخل وسكن ومصاريف علاج لبنتي اللي بتحتاج علاج بحوالي  500 جنيه في الشهر غير جلسات كهربائية ونظام غذائي خاص.. أنا مش عارف البلد رايحة فين.. بس اللي أعرفه كويس إني عاوز أعيش وأرحم بنتي من بهدله الشارع."

وُينهى طارق كلامه قائلا "أنا مش عارف الإخوان هيودوا البلد على فين.. حسبنا الله ونعم الوكيل، أنا بكرههم، لأنهم منافقين، وفيهم كل صفات المنافقين اللي قال عليها الرسول صلي الله عليه وسلم، بس لو حكم مصر حد من إسرائيل ووفر لي دخل وسكن فأنا معاه وهأيده!"

0 التعليقات:

إرسال تعليق